يتغير الرؤساء وتتغير السلطة، ويبقى المنافقون وصناع الاستبداد على حالهم.. ينقلون عطاءهم بين الحكام، كما تتنقل النحلة بين الأزهار. رأينا ولانزال نرى كتائب النفاق الاستراتيجى والتكتيكى، وقد أعادوا تنظيم صفوفهم، وانتظموا فى طابور «النفاق والتبرير» فى انتظار أى حاكم وأية سلطة ليمارسوا عمليات هز الذيل.
لا نقصد هنا مؤيدى الرئيس الواضحين، أو أعضاء الحرية والعدالة، فهؤلاء من الطبيعى أن يدافعوا عن حزبهم ورئيسهم بحكم الانتماء، لكننا نتحدث عن هؤلاء الذين عبروا بحر النفاق من أيام مبارك، مروراً بالمجلس العسكرى، وصولاً للرئيس مرسى، ومستعدون دائماً لتوصيل النفاق للمنازل والصحف والتليفزيونات.
آخر اختراعات النفاقوقراط العبقرية، وبمناسبة حرب أكتوبر انتشر إعلان منسوب لقيادات إحدى شركات البترول، يهنىء الرئيس مرسى والقوات بالمسلحة بالانتصار، وهو أمر عادى. لكن غير العادى أن السادة المهنئين وصفوا الرئيس مرسى بأنه «قائد نصر أكتوبر العظيم». طبعاً الرئيس لم يطالبهم بهذا، بل إنه منح قلادة لاسم السادات، وأعاد الاعتبار للفريق سعد الشاذلى الذى تمت محاكمته وسجنه، مع أنه كان رئيس أركان الجيش وقت الحرب.
الإعلان يكشف عن العقلية النفاقية المعملية الفذة.. التى اختصرت نصر أكتوبر فى الضربة الجوية ومبارك، وتجاهلت الرئيس أنور السادات ودوره مع أنه صاحب قرار الحرب.. وبعد أن تجاهلوا السادات لصالح مبارك، فإذا بهم يتجاهلون السادات ومبارك لصالح مرسى. طبعاً هؤلاء لايهمهم السادات أو مبارك أو مرسى، ولا يشغلهم الرئيس وبرامجه، لكن همهم أن يملأوا التليفزيونات والصحف، بالطبل والزمر، مثلما كانوا يفعلون مع مبارك. وانخرطوا فى حالة من الوله والوجد مع قرارات الرئيس وبرامجه، وبدأوا مهمتهم قبل أن يحلف الرئيس مرسى اليمين، وقدموا أنفسهم كمدافعين عن الرئيس. ومنذ إعلان نتيجة الانتخابات رأينا الصحف والفضائيات تزدحم بإعلانات التهانى للرئيس مرسى، بنفس ما كان يجرى أيام مبارك. وقد قرأنا مقالات لمن كانوا يشفقون على مبارك من مهام الرئاسة، والحرمان من طشة الملوخية، وهم يشفقون على مرسى قبل أن يبدأ.. وبنفس الألفاظ والكلمات.
وقد يكون الرئيس مرسى غير مسؤول عن التهانى، لكن من يذكرون بدايات حكم مبارك يتذكرون أنه طلب وقف أى تهانٍ فى الصحف، ومع الوقت تداخل المال بالسلطة وشبكات المصالح تحولت الإعلانات إلى قاعدة عادية لاتلفت النظر ولا تثير الاستهجان.
فريق «النفاقوقراطية» من ماسحى الجوخ، يقدمون أنفسهم للسلطة - أى سلطة - سواء بشكل شيك، مثلما يفعل بعض نجوم الكاميرا، أو ينافقون بفجاجة على الطريقة القديمة وهو مارأيناه من إعلانات اعتبرت الرئيس هو «قائد نصر أكتوبر العظيم». هم من رجال كل عصر وكل وقت وكل سلطة لافرق فى الأسماء.
وطالما يجدون مساحة، فهم يفعلون ما كانوا يفعلونه من قبل. لكن المثير أنهم لايجددون أدواتهم، ولا يغيرون ألفاظهم. ويفتقرون إلى التجديد والتطوير. وربما يكون هؤلاء فى حاجة لتجديد الخطاب النفاقيوقراطى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة