فى الاستاد ووسط جماهير حاشدة، اختلط التاريخ بالجغرافيا والماضى بالحاضر وبرنامج الـ100 يوم للرئيس بمواجع السياسة، وأسئلة الناس والمعارضين. حضر أعضاء حزب الحرية والعدالة، وغابت الأحزاب والسياسيون، وتاهت صورة الجيش فى الزحام، وإن كان الرئيس تحدث عن بطولات القوات المسلحة. بشكل عام، وفرض برنامج الرئيس نفسه على الخطاب، كان يجيب على أسئلة مطروحة، من المعارضين، ويعضد شعور مؤيديه.
كان اختيار استاد القاهرة، محاولة لمنح خطاب الرئيس صبغة شعبية حيث تم حشد عشرات الآلاف فى مشهد ليس جديدا على العمل السياسى ويعيد للأذهان مشهد خطابات الرؤساء الجماهيرية وسط حشود يتم اختيارها بعناية، وطبيعى أن يرى أنصار الرئيس مرسى وأعضاء الحرية والعدالة أن الخطاب جماهيرى، بينما يرى آخرون أن الحشود تم اختيارها وحشدها من أنصار وأعضاء الحرية والعدالة، ممن تم حشدهم بالأتوبيسات مثلما كان يتم حشد العمال وموظفى الدولة لملء القاعات التى يلقى فيها الرئيس خطاباته.
ولم يخل الأمر من مفارقات، فالاستاد يحمل اسم جمال عبد الناصر، والاحتفال بمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر بقرار الرئيس السادات، وكان فى صدارة الحضور أعضاء الجماعة التى كان بينها وبين ناصر تاريخ من الخصومة، كما تصدر بعض ممن ساهموا فى اغتيال الرئيس السادات، غاب المشير طنطاوى عن الاحتفال، بالرغم من أنه أحد قادة قلائل شاركوا فى الحرب، وربما ارتأى منظمو الاحتفال أن حضور طنطاوى قد يفتح باب التساؤلات، وجدل يحرص الرئيس على تخطيه، فهو يشيد بدور القوات المسلحة فى حماية الثورة، ويبرر الإطاحة بهم بأنها للصالح العام.
الاستاد هو رمز للحشد الرياضى حيث يصطف مشجعو الفريقين وكل منهم يهتف لفريقه، بصرف النظر عن اللعب، ونرى مشجعى الدرجة الأولى والثانية بينما يشتعل الترسو بالجمهور الحقيقى الألتراس المستعد دوما لمساندة فريقه ظالما أو مظلوما، كان الجمهور قادما لفريق واحد وشخص واحد وبرنامج واحد، وسقطت الحواجز بين جمهور الدرجة الأولى والثانية، والثالثة واشتعل الحماس للرئيس وخطابه من كل الجهات. كان التشجيع كله من نوع واحد، فهناك فريق واحد يلعب بل شخص واحد فقط فى الصورة، الرئيس يتحدث لأكثر من ساعتين، على أرضه ووسط جمهوره. ولا مجال هنا لمشجعى أى فريق آخر، وأمام كل لعبة أو كلمة يلقيها الرئيس كانت الأكف تشتعل بالهتاف الحماسى والتصفيق الحار، فالحضور هم المشجعون المؤكدون، والمسؤولون وشاغلو المناصب، الذين يدينون بالولاء ويشجعون كل لعبة، الرئيس يخاطب جمهور الاستاد، أكثر مما يتوجه لمعارضة يراها رافضة طوال الوقت، يؤكد نجاح برنامج الـ100 يوم، نسبة سبعين فى المائة للمرور، وأربعين فى المائة للنظافة. الرئيس هنا يقول إنه يحاول بقدر الإمكان، وأن «من يده فى الماء غير من يده فى النار».
الغائبون عن الاستاد، يردون بأن هناك مبالغة فى الأرقام المعلنة، وغيابا للشفافية، وسوف يبقى الأمر انقساما بين جمهورين، أحدهما فى الاستاد، والآخر خارج المدرجات.