وائل السمرى

سقوط الغريانى

السبت، 10 نوفمبر 2012 02:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلت سابقا إن من أعظم إنجازات يناير 2011 هى أنه نزع الكثير والكثير من الأقنعة، سقط شيوخ كنا نحسبهم أفاضل من أعيننا، وهوى من كنا نعدهم ذخيرتنا الفكرية والوطنية فى فتنة الكرسى فتمرغوا فى حصيرة السلطان مقدمين له فروض الولاء والطاعة، منهم من أسقط قناعه دفاعا عن مبارك وزبانيته، ومنهم من تهاوى أمام أعيننا منسحقا تحت بيادة المجلس العسكرى الغابر، ومنهم من سقطت ورقة التوت الأخيرة عن سوأته مع بداية حكم الإخوان، وإلى هذه النوعية الأخيرة ينتمى اسم المستشار «حسام الغريانى» صاحب التاريخ الكبير فى معركة استقلال القضاء وأحد من كنا نكن لهم كل الاحترام والمحبة، وغاية أملى أن تظل مكتسبات يناير فى الانهمار علينا، فتكشف لنا قناعاً بعد قناع، لنعرف الرجال بالتجربة، ونعرف غير الرجال بالتجربة أيضاً.

سقط الغريانى فى فخ السلطة، فكان سقوطه مدويا، وآية هذا النوع من السقوط هو أن تجد الذى يعانى السقوط يقبل ما كان يرفضه سابقا ويدافع عنه، وهو ما يؤكد أن الرفض القديم لم يكن ابتغاء مرضاة الله أو وجه الوطن وإنما كان لغرض شخصى دفين، ولا تظن أننى هنا سأستشهد بموقف سياسى للغريانى يحمل الخلاف والجدل ويتقبل الرأى والرأى الآخر، لكنى سأحاكم الغريانى بنفس «معياره» وسأطبق عليه «شروطه» وسألقى فى وجهه بالحجة التى بنى بها مجده، فأبرز ما أسهم فى وضع الغريانى كأحد ألمع أسماء استقلال القضاء هو حكمه الشهير بإبطال انتخابات مجلس الشعب فى العام 2003 بناء على اشتراك أعضاء النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة فى الإشراف على هذه الانتخابات، وهو ما اعتبره «سابقاً» إخلالاً بمبدأ الإشراف القضائى على الانتخابات لأن أعضاء النيابة الإدارية و«قضايا الدولة» موظفون فى وزارة العدل التى تتبع الجهاز الإدارى للدولة ولا يتمتعون بالاستقلال، وهو الحكم الذى صفق له جميع الشرفاء مكللا الغريانى بوشاح البطولة، لكن تدور الأيام وتأتى التجربة ويهل يناير عاصفا ببعض رموز الدولة القديمة، فيتوج الغريانى على رأس السلطة القضائية رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء، وتحت إشرافه تقام انتخابات مجلس العشب 2011 وانتخابات مجلس الشورى 2011 وانتخابات الرئاسة 2012 فتمر الانتخابات بمباركة المجلس الأعلى للقضاء الذى يرأسه ويسمح باشتراك أعضاء النيابة الإدارية وقضايا الدولة فى الإشراف عليها، دون أن يشعر بأنه يخلف نفسه ويقر بما رفضه، ودون أن يشعر بالخجل أو يتوارى فى صفحات الخزى.

السقوط الثانى للغريانى من وجهة نظرى هو قبوله لمنصب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان بناء على تعيين مباشر من رئيس الجمهورية وهو الأمر الذى يحمل شبهة «الرشوة» لأن الغريانى يشغل فى ذات الوقت منصب رئيس الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، التى ستحدد صلاحيات الرئيس، وبرغم مخالفة هذا التعيين لكل الأعراف القانونية للوقائع المشابهة، والتى تحرم على أعضاء الجمعيات التأسيسية التعيين فى المؤسسات الحكومية حتى بعد انتهائهم من كتابة الدستور بسنوات، وبالمخالفة أيضاً لنص قانون الجمعية التأسيسية المعطوب الذى وضعه الإخوان بأنفسهم وتوهموا بأنهم حصنوه بتوقيع رئيس الجمهورية عليه، حيث نص القانون على ضمان استقلالية الجمعية وأعضائها عن الدولة، ولأن رب البيت «بالدف ضارب» فقد رقص ما يقرب من ربع الجمعية التأسيسية على ضرباته، فعينهم الرئيس مستشارين ومحافظين ووزراء، وإزاء هذه الجرائم المتعددة يصبح الغضب من تصريح الغريانى الغريب حول ثورة يوليو تافها، فلم ير الغريانى من «يوليو» إلا ما يراه المرشد، متجاهلاً إنجازات هذه الثورة العظيمة على المستوى الوطنى والقومى ناظراً فقط إلى مساوئها معتبراً إياها «عملية نصب» ويكفينا الآن أننا عرفنا بأى لسان يتحدث الغريانى، وفى أى بئر سقط.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة