سامح جويدة

الحماقة أخت الشر.. كلاهما إخوان

الإثنين، 12 نوفمبر 2012 03:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا فرق بين نظام سياسى فاسد ونظام سياسى أحمق.. فالنتيجة واحدة.. فالحماقة أخت الشر.. كلاهما إخوان.. هكذا قال الإغريقى «سوفوكليس».. وقد خيروا حكيما بين حاكم غبى وحاكم شرير فاختار الشرير، فلما تعجبوا قال: «فى الحماقة شر مستور لا أول له ولا آخر».. ولسان العرب قديما وصف الحمقى بألفاظ غريبة «المعفج والهفنجع والهجرع والهجع الهلباج والهلبج واللفات والاعفك والرهدن والبوهة وحميقه وحموقه والمحماق والخوخاء والضيطر والهدان والأولق»، الواضح أن أجدادنا تعذبوا من الحماقة حتى يغطوها ببحر من الكلمات «لم اصطاد لكم منه إلا قليله».. يعنى الموضوع وراثة وجينات.. والغريب أننا لا نعرف تلك المرادفات ولا نرددها رغم كم الحماقة الذى نعيشه كل يوم.. أتصور أن تلك الكلمات تمت «إبادتها عن عمد» بقرار سرى سيادى توارث تنفيذه الحكام حتى لا تختلط تلك الكلمات بأسمائهم فى الشوارع وينسى الناس أسماءهم الحقيقية.. فلم نسمع فى تاريخنا المعاصر عن حاكم معفج أو وزير هجع أو مسؤول أعفك، رغم أن للحماقة دورا كبيرا فى تحريك الأحداث كما تعرفون جميعا..نحن أمام جريمة فى حق اللغة وفى حق التعبير أرجو التحقيق فيها، على أى حال الفرصة لم تضع منا بعد، أمامنا عشرات الكلمات الجديدة التى يجب أن نطلقها على الحماقة بداية من السواقين وانتهاء بالمسؤولين.. فمن حقك الآن أن تقول لسواق الميكروباص الذى حطم رفرف سيارتك على الصبح: «يا هلبج يا بن الخوخاء» أو أن تصف عشرات القرارات السياسية والاقتصادية بأنها «بوهة بوهة» أو أن تطلق على منظومة أخونة الدولة أنها «حموقه».. أنت أمام نبع خصب لإخراج مشاعرك المكبوتة بطريقة لغوية بليغة، فلا تفوتها. افتح لسان العرب أو الصحاح أو القاموس المحيط أو العباب الزاخر على الإنترنت و«اتعلم يا معلم».. فكلمة الحماقة لم تعد تكفى أمام هذا الكم الهائل من الهجع والهفنجع الذى نعيشه.. فما بين شارع يتصور أن الانفلات والفوضى هما أفضل طريقة للحياة وما بين سلطة تتصور أن التقشف والتضييق والمنع والتهديد أحسن من السرقة والتبديد.. أنت تحتاج إلى مرادفات جديدة لتخرج كل ما عندك من صراخ وغضب.. اصرخ حتى لا تبكى على هذا الوطن الذى يضيع منا ولا نعرف إلى أين يتجه شراعه.. اصرخ على أبنائك وأحفادك الذين لا تعرف إلى أين تأخذهم أطماع السياسيين وحماقاتهم أو وحشية الناس وجوعهم.. اصرخ بلسان العرب، فقد كانوا يعرفون أننا شعوب تضيعها الخوخاء وتكسرها الهلباجة وأن الحماقة فينا كنز لا يفنى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة