لا أصدق أننى أكتب اليوم ما أكتب، وأن الذى سأتناوله حدث الفعل، فتلك القرارات الجمهورية والمراسيم بقوانين، والخاصة بالعفو عن مجرمين خطرين على الدولة والمجتمع دون توضيح للرأى العام عن سبب هذا العفو لا أتوقع أن تصدر من رئيس جمهورية أقسم أمام الشعب على الحفاظ على النظام الجمهورى واحترام الدستور والقانون ورعاية مصالح الشعب رعاية كاملة والحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، وأزعم أن تصرفات الرئاسة فى هذا الأمر يشوبها الكثير من الشك والريبة، فلا أعرف كيف يحافظ الرئيس على النظام الجمهورى وهو يعفو عن مجرمين مدانين بأحكام نهائية فى محكمة مدنية فى قضايا جنائية راح ضحيتها أبرياء، ولا أعرف كيف يعفو عن المدانين فى جرائم إرهابية مثل تفجيرات الأزهر وتفجيرات طابا وقتل ضباط شرطة، مع العلم بأن هؤلاء المجرمين اعترفوا بجرائمهم، ودونوا بأيديهم خطة العمليات الإرهابية التى قاموا بها، ورسموا بأقلامهم خرائط أماكن الجريمة، موضحين عليها كل مراحل العملية منذ بداية التفكير فيها وحتى إتمامها. ولا أعرف أيضا كيف يحافظ الرئيس على استقلال الوطن وسلامة أراضيه وهو يعفو عن تجار الأسلحة الثقيلة المحكوم عليهم بتهم ثابتة وأحكام نهائية، كل هذا دون مراعاة للقانون أو احترام للشعب، أو توضيح للرأى العام، فأى دولة تلك التى نعيش فيها ومن أى غابة أتى إلينا هؤلاء؟
لم أكن مع الذين يرددون أن للجماعة تنظيما مسلحا، أو أنها جماعة إرهابية فى الأساس، وكنت أصدق تماما أن الجماعة اعتزلت العنف منذ قضيتهم الشهيرة فى الستينيات، لكن تصرفات الرئيس الأخيرة وإفراجه عن تجار الأسلحة تعيد إلى الأذهان تلك الذكريات وتجعل التفكير فيها ملحا فى ظل غياب تبرير الرئاسة لهذه الأفعال، وعدم توضيحها للرأى العام، وأعتقد أنه من العبث أن يدعى البعض أن مرسى فعل هذا استجابة لمطالب الثورة التى نادت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، فالمعتقل هو الذى يمكث فى السجن دون محاكمة والجريمة السياسية -إن صح وصفها بالجريمة- هى تلك الجريمة المتعلقة بحرية الرأى والتعبير، لكن أن يفرج مرسى عن مرتكبى الجرائم الجنائية وآخرها قراره بالإفراج عن اثنين من تجار السلاح منذ أيام، بعد أن أفرج عن 16 مجرما منذ ما يقرب من شهر فهذا ما يجب أن نتوقف أمامه، خاصة أن الإفراج جاء دون إجابة واحدة عن أى من الأسئلة الحائرة فى هذا الشأن.
أعتقد أنه بعد هذه القرارات غير القانونية التى وقع مرسى عليها لا يجدى أن نتحدث عما يحدث فى سيناء من عمليات إرهابية، وإلا فقل لى كيف يقاتل جندى أشباحا فى الصحراء مضحيا بحياته وهو يعرف أنه إن مات فى سبيل الوطن فسيفرج الرئيس عن قاتليه؟ وقل لى لماذا يرتدع مجرم هرب أسلحة، وتاجر بها واستخدمها فى صدور أشقائه وهو يعلم أن الرئيس يفرج عن مهربى الأسلحة بقوانين خاصة وقرارات جمهورية، فلماذا أفرج مرسى عمن ثبت للمحكمة أنهم تجار سلاح وسارقون ومخربون وقتلة، وما خفى كان أعظم فهناك الكثير من المجرمين الذين نالوا العفو ولم تذكر قرارات العفو الصادرة عن الرئاسة والمنشورة فى جريدة الوقائع المصرية نوع الجريمة التى ارتكبوها، ولم تقتصر قرارات العفو الرئاسية على المصريين فقط وإنما شملت مجرمين من جنسيات أخرى، فبمناسبة زيارة الرئيس السودانى المنتمى لتيار الإسلام السياسى أفرج مرسى عن مجرمين سودانيين مدانين بجرائم تخابر وحيازة وإحراز أسلحة نارية وبنادق آلية وذخائر والوجود بمناطق عسكرية محظورة.
المطلوب توضيح عاجل من الرئاسة بشأن هذه القرارات الغامضة، وإلا فسيكون الرئيس مرسى قد خنث بقسمه وخان الأمانة التى حملها الشعب له.