محمد الدسوقى رشدى

إصرار «مرسى» على تكريم «مبارك»

الأربعاء، 14 نوفمبر 2012 12:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أن تقرأ..
هذه سطور لا يجوز القفز فوق كلماتها.. تحتاج منك للهضم الكامل حتى تستوعبها وتفهمها، حتى تستطيع الرد على كل من يترحم على زمن مبارك!

أدعوك لأن تسمع هذه النغمة السائدة فى الشوارع الآن، هى نغمة نشاز تم تلحينها وعزفها على وتر أخطاء القوى السياسية المختلفة، سواء أكانت إسلامية أم ثورية أم ليبرالية. أما انتشار النغمة فيعود للسيد الرئيس وحكومته وأنصاره الذين أطلقوا من الوعود ما جعل المواطن المصرى يتخيل أنه يعيش فى سويسرا، ثم استيقظ ليجد نفسه ملقى بين أكوام قمامة الدويقة، كما يعود للسادة قيادات الأحزاب الذين لم يقدموا للناس أى بوادر أمل بمشاريع مختلفة أو معارضة نزيهة ومنطقية، والفضل كل الفضل لكل هذه الأطراف السياسية الموجودة فى السلطة وفى المعارضة لأنهم باستمرار تبادل اتهامات العمالة والخيانة وعمليات الردح والشرشحة دفعوا الناس للسؤال: وما الذى تغير إذن عن عهد الحزب الوطنى الذى كان يرشو الناس بالسكر والزيت، ويستغل المساجد فى الدعاية، ويتهم خصومه بالعمالة، ويرفض أى نوع من أنواع النقد أو المعارضة، وينمو رجاله اقتصاديا، بينما الناس فى الشوارع لا تجد رغيف العيش أو أنبوبة البوتاجاز؟

النغمة التى سادت بسبب كل هذه الأطماع والأخطاء تقول: «أنا فلول العهد السابق»..
فلول عهد ناس مكانوش حلوين أوى مع بعض، بس مكانوش بيكفروا بعض.
فلول عهد كان الناس بتحترم نجيب محفوظ وزويل، مش بيكفروا الأول ويهزقوا الثانى.
فلول عهد كان الناس بتحترم جيشها، مش بتهتف ضده وتهينه.
فلول عهد كان الناس بتحترم الكبير بمكانته، أو علمه، أو حتى سنه، مش بطول دقنه.
فلول عهد كان الناس بتستنى أفلام عادل إمام وتروح عشان تضحك، مش تكفره وتسجنه.
فلول عهد كان الناس تفتخر بتاريخها مش بتغطى الآثار بملايات، وتقول عليها إنها أصنام يجب هدمها.. أيوه أنا فلول.. إنتو بقى مين؟

انتهت النغمة أو المعزوفة التى يرددها الآن قطاع كبير من الشعب المصرى المطعون فى كرامته وشرفه على اتهامه بأنه «حزب كنبة»، وبأنه يحنّ إلى زمن الفلول حيث الخضوع والذل، وهى اتهامات شرعت فى ترويجها القوى السياسية التى فشلت فى تحقيق نتائج سياسية جيدة، فلم تجد سوى شماعة المواطن لتعلق عليها هذا الفشل.

الغريب فى تلك النغمة السائدة أن أحدا من أهل السياسية والثورة والإسلاميين لم يأخذها على محمل الجد والدراسة والنقاش، بل اكتفوا جميعا باستثمارها لتبرير فشلهم، فى مؤسسة الرئاسة، وفى حركات المعارضة، والهجوم على كل من يعزفها، واتهامه بخيانة الثورة.

كان الأولى بأهل النخبة أن يأخذوا من الناس أقوالهم ويردوا عليهم، كان الأولى أن يصححوا مفاهيم هذه الأغنية المغلوطة لكى يعرف الناس أن عهد مبارك هو الآخر لم يكن يكفّر نجيب محفوظ، لكنه كان لا يحترمه، ولا يحترم قيمه وأدبه، وأن عهد مبارك لم يهزأ بأحمد زويل لفظيا، ولكنه هزأ به فعلا حينما تجاهله وتجاهل مشاريعه.

كان على النخبة أن تشرح للناس أن قيم السماحة والسلام والأمن التى يربطونها الآن بعصر مبارك قيم مصرية أصيلة، لا علاقة لها برئيس أو شاويش، وأن عهد مبارك لم يكن يغطى الآثار بملايات، ولم يدْعها أصناما، لكنه كان يهربها ويتاجر فيها ويتركها فريسة للإهمال والدمار.

الثورة لم تفتح باب الخروج لأسوأ ما فى المصريين كما يقول البعض، الثورة فتحت جرحا قديما ممتلئاً بقيح وقاذورات القمع والكبت والديكتاتورية، ويخرج ما فيها الآن حتى يلتئم على نظافة. عهد مبارك هو الذى فتح الباب للتطرف والمتطرفين، حتى إن عاد وقمعهم بعد ذلك، وهو نفسه الذى ضيّق الحال على الأزهر حتى دمره، فلم يعد قادرا على مواجهة رياح التشدد، وهو أيضا الذى فتح الباب على البحرى لفضائيات الفتاوى وغيرها.

عهد مبارك هو سبب ما تعانيه أنت الآن من فوضى، وتطرف دينى، وعدم ثقة، وفجوات حاقدة بين الطبقات.. فلا تردد هذه النغمة أرجوك.. ليس فقط لأنها نشاز، لكن لأن ملحنها وكاتب كلماتها ينتمى لنفس النوع الذى لحّن بخضوع وموالسة كلمات اخترناه.. اخترناه.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة