قلنا إن حكومة الدكتور هشام قنديل فى موقف صعب. وأنها تبدو أمام الرأى العام عاجزة وضعيفة ومرتبكة، وقد بدأت بوادر الهجوم على الحكومة من نواب الحرية والعدالة فى مجلس الشورى، الذين يحملونها كل النتائج السيئة ويعتبرونها السبب الرئيسى الذى يسىء للجماعة ويدفع لكراهيتها.
وبعض المواطنين أو كثير منهم يرون أن الحكومة لا تبدو مختلفة عن الحكومات السابقة، ولا عن حكومات السنوات الأخيرة لمبارك، وحتى ردود الفعل هى نفسها فى مواجهة الحوادث والأزمات، ناهيك عن أن طريقة الحكومة وبياناتها وتصريحاتها لا تختلف كثيرا عما كان.
ولعل حال القطارات والسكك الحديدية خير مثال على أن شيئا لم يتغير فى التعامل مع الكوارث، فقد جاء رد الفعل على تصادم قطارى الفيوم وكأنه منسوخ من ردود أفعال حكومات سابقة ووزراء سابقين.
الوزير يشكل لجنة ويحمّل العاملين فى السكك الحديدية المسؤولية، ويعترف بضعف البنية الأساسية للسكك الحديدية، وبالطبع فإن الهيئة تشكل هى الأخرى لجنة فنية لمعرفة أسباب تصادم القطارين، هذه اللجان سوف تجتمع وتعاين وتصدر تقريرا تعلن فيه الأسباب التى لن تخرج عن الأسباب السابقة والحالية والقادمة، ويؤكد الوزير أن المسؤولين لن يفلتوا من العقاب.
الوزير وعد أهالى الضحايا بأن دم أبنائهم لن يضيع، وطبعا تسارع الحكومة بصرف تعويضات للضحايا، ويتم إعلان مسؤولية عمال البلوكات والمزلقانات والسائق عن الكارثة.
وفى مجلس الشورى سمعنا خطبا نارية عن الإهمال والضحايا والمسؤولين والكوارث، وببانات عاجلة وطلبات إحاطة، وينتهى الأمر من دون إضافات، ولا يتوقع أن تنتهى حوادث القطارات، ولا أن تنتهى أخطاء السائقين وعمال البلوكات، والمزلقانات، وسوف تتكرر الحوادث والتصريحات والسياسات.
كانت القطارات فى نظام مبارك تتصادم والقتلى يتساقطون ويحترقون فى القطارات، وكانت ردود الأفعال بين إقالة رؤساء الهيئات والوزراء، واعترافات وبيانات عاجلة وطلبات إحاطة، ومحاكمة للحكومة، رأينا عشرات المليارات يتم الإعلان عن تخصيصها لتطوير القطارات، بلا جدوى.
من الصعب أن نحمل حكومة قنديل أو الرئيس مسؤولية تهالك وتدنى أحوال القطارات والسكك الحديدية، فهى تركة ثقيلة، كانت تعبر عن حال مصر، لكن الخطر هنا هو الاكتفاء من الحكومة بتشخيص الأزمة، والقول بأن البنية التحتية للسكك الحديدية ضعيفة وفاسدة، فالتشخيص معروف ومشهور، مثلما هو معروف فى كل أمر من أمور السياسات العامة، والحل هو القفز من التشخيص للعلاج والمواجهة، قبل أن تتحول القطارات إلى أزمة مزمنة مثل غيرها من الأزمات، ولو لم تكن الحكومة مسؤولة عن الماضى، فهى مسؤولة عن الحاضر والمستقبل.
أحوال القطارات هى نفسها أحوال مصر، والمصريين شعب يركب قطارا، يسرع به السائق قبل أن يتأكد من عناصر الأمان، وعمال المزلقانات والتحويلات والسيمافورات ينامون أو يهربون أو يهملون عملهم، مما يجعل القطار قابلا للخروج على القضبان، فإذا صلحت مزلقانات السياسة سوف تنصلح أحوال القطارات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة