كرم جبر

تسمين البنات!

الخميس، 15 نوفمبر 2012 07:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كاد رأسى أن ينفجر وأنا أشاهد على فضائية مصرية شخصا ملتحيا يرتدى جلباباً وغطرة سعودية، ويدافع إلى حد الاقتتال عن زواج البنات القاصرات فى سن تسع سنوات، ويحشد استدلالات مغلوطة من السيرة والسنة والقرآن الكريم، ونصب له المذيع والضيف المعاكس مصيدة علمية وأخلاقية أظهرت ضعف رأيه وعجز منطقه. أغرب ما قاله الشيخ الملتحى أنه ليس ضروريا أن يدخل الزوج بزوجته الصغيرة غير البالغة فور الزواج بها، بل يمكن أن تعيش فى بيته حتى تحيض ثم يدخل بها، وكنت أتمنى أن أقذفه بأى شىء فى يدى، فهل وصل بنا التدنى إلى درجة أن تكون البنات مثل البهائم، نسمنها فى بيوت الجزارين حتى يحين وقت الذبح، ومن هو الأب المجنون الذى يبيع ابنته فى سوق الجوارى، بعد أن ينزعها من مدرستها ويحرمها من التعليم لتنضم إلى كتائب حريم الذئاب، دون وازع من دين أو ضمير إلا إرضاء لشهوات شاذة تهين المرأة باسم الإسلام، والإسلام برىء من هذا الخبل ويكرم المرأة أعظم تكريم ويضعها فى أعلى مكانة ويحفظ شأنها وكرامتها.

ألا يعلم هذا الشيخ الملتحى أن نسبة العنوسة فى مصر تضرب أرقاما قياسية، وأن الأولى بالرعاية والزواج هن الفتيات فوق الثلاثين وليس فى سن التاسعة، ثم ماذا يفعل زوج بطفلة صغيرة تلعب البنات فى سنها فى الشارع، وهل تستطيع أن تتحمل مسؤولية البيت وتجهيز الطعام والنظافة والغسيل والكنس والمسح وغيرها، أم سيأتى لها بخادمات فلبينيات بالغات لرعاية شؤونها حتى تنضج و«تستوى» ويحين وقت التهامها، وهل دخل المسلمون مرحلة الرفاهية المفرطة لدرجة البحث عن وسائل جاهلية لإشباع شهوات الرجال بنكاح فتيات صغيرات؟.

والأغرب من هذه الأفكار الشاذة هو الحماسة الشديدة التى يتحدث بها الشيخ الملتحى وكأنه يدافع عن المقدسات التى تدنسها إسرائيل، وإصراره على أن هذه هى شريعة الله وأحكام القرآن الكريم، واتهامه العلمانيين والليبراليين بالكفر والإلحاد وإنكار المعلوم من الدين، وأن هذه الأحكام ستطبق فى مصر «شئتم أم أبيتم» ولن يستطيع أحد أيا كان أن يلغيها فى الدستور الجديد، لأن «الشعب يريد تطبيق شرع الله» وهذا هو شرع الله، ولن ينصلح حال مصر -هكذا يقول- ويعلو شأنها ويرضى الله على شعبها إلا إذا عادوا لشريعته الغراء.

كنت أتمنى أن أقذف هذا الشيخ الملتحى بحجج وأسانيد تنبع من روح الإسلام ونصوصه، وأن الرسول الكريم لخص جوهر رسالته فى «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، أما مثل هذه الأفكار فتشوه أخلاق الإسلام وصورته وحضارته أمام شعوب العالم، وتظهر المسلمين وكأنهم آكلى لحوم النساء، ولا همّ لهم باليل والنهار إلا الاحتيال على حق المرأة فى الحياة، بينما العالم حولنا مهموم بالعلم والتقدم والعمل والإنتاج، فى إطار المساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات.. وتذكرت قول الإمام الغزالى «مسلم جاهل أشد خطرا على الإسلام من عدو كافر».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة