الحرب على غزة مثل غيرها من المواقف اختبارات سياسية. نتنياهو شن حربه لأهداف انتخابية، لكن الأهداف السياسية لم تكن لنتنياهو وحده، بل لكثيرين، لمن يريدون التضامن فعلاً، ومن يريدون الاستعراض وتعويض خسائر سياسية. والنتيجة أن فقراء غزة وأطفالها وشيوخها، يدفعون الثمن.
الحرب على غزة، تغطى على القضية الفلسطينية. التى تنسى وتتوه فى مهرجانات الخطب والبيانات والشجب ومؤتمرات وزراء الخارجية العرب، بل ومظاهرات لا تتجاوز الصراخ والكلام المجانى.
زيارة رئيس الوزراء هشام قنديل لغزة خطوة جيدة تؤكد وقوف مصر مع فلسطين، لكن الخطاب يجب أن يتجاوز البكائيات لخطوات سياسية. فقنديل مسؤول وعليه أن يترك التضامن للقوافل والجهود الشعبية. لقد كان عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح الرئاسى السابق، أكثر تأثيراً من رحلة قنديل، أبوالفتوح حمل تبرعات وغذاء ودواء، وكان على المبعوث الرسمى الدكتور قنديل أن يحمل هدفاً. إما تقوية المقاومة بشكل يجعلها قادرة على مواجهة العدوان، أو السعى لوقف العدوان بما يحمى أطفال غزة ورجالها الذين يدفعون الثمن ويحتاجون إلى ما هو أكثر من الخطابات.
من الطبيعى أن يكون هناك جزء ظاهر وآخر مختف، وأن يكون الهدف هو وقف العدوان الإسرائيلى نهائياً، ووقف الهجوم البرى. وليس فقط أثناء زيارة رئيس الوزراء لغزة. بعض التسريبات تقول إن زيارة قنديل فى جزء منها تحمل رسالة لوقف صواريخ حماس مقابل وقف الهجوم البرى، قنديل لم يشر لا هو ولا إسماعيل هنية للهدنة، وقالا كلاما حماسيا عاطفيا، لا يقود إلى موقف. ثم إن الانفصال بين الضفة وغزة أصبح واقعا، وبعد أن كانت هناك اتهامات لنظام مبارك بالانحياز إلى أبى مازن على حساب حماس، أصبح الانحياز الآن لحماس. وهو تغيير فى الشكل من دون المضمون. بينما يجب أن يكون الهدف الأهم هو إعادة فلسطين لوحدتها. وعدم الانحياز لطرف أو تأكيد الانقسام، وتغذية للفرقة.
ومع كامل التقدير للصواريخ التى تطلقها المقاومة على إسرائيل فهى تظل فى إطار رد العدوان، لكن التباهى بها يغطى على العدوان وجرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، لدرجة أن الغرب وأمريكا يرون صواريخ فلسطينية على إسرائيل، ويتجاهلون الأسلحة الإسرائيلية المحرمة على غزة. لماذا نخجل من فضح العدوان وننسى أن صورة محمد الدرة كانت محركا للعالم فى مواجهة عدوان إسرائيل، التى تعتدى وتشكو مستغلة رغبتنا فى التباهى والمبالغة فى الحديث عن انتصارات، بينما شهداؤنا أضعاف قتلاهم.
لقد أصبحت المنافسة على الصورة التى ينقلها الإعلام والخطابات التى ترضى الجمهور، والمنافسة الآن بين من يركبون على أكتاف الجمهور ليهتفوا فى مظاهرات رأيناها كثيراً ولم تكن أكثر من تفريغ غضب. وأصبحت بحثاً عن صورة، وهتافات وتصفيق، دون أن تتجاوز الكلام والتعاطف إلى فعل حقيقى. فلسطين تحتاج لمن يعيد وحدتها، ولا يغذى فرقتها، ولمن يتضامن معها ولا يتاجر بها. لمن يساندها ولا يكتفى بالتصفيق لها بحثاً عن تصفيق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة