ليس شرطا أن تكون «أخونة» الدولة عبارة عن شغل كوادر الإخوان المناصب، إنما الأخطر هو النفاق وتزييف الوعى وتشويه التاريخ، ظنا أن هذا سيكون أقصر الطرق إلى قلب السلطان.
وفور أن نجح الرئيس مرسى فى انتخابات رئاسة الجمهورية، جاء التحذير مما يسمى بـ«المتأخونين»، وهم الصنف الذى يتحول من نظام إلى نظام فى الولاء، فهؤلاء ينتقلون من «مبارك» إلى «مرسى» ومن «الوطنى المنحل» إلى جماعة الإخوان، ويزداد خطر هؤلاء كلما وجدوا الطرق ممهدة أمامهم، ووجدوا القلوب والعقول مفتوحة دون مساءلة.
أقول ذلك، كمقدمة لقضية حدثت فى محافظة القليوبية، مسقط رأسى، ومكان معيشتى، والقضية الجريمة وقعت فى قصر الثقافة فى مدينة بنها عاصمة المحافظة، ووقائعها كالتالى:
على الجدران الخارجية للقصر كانت توجد لوحة رخامية مكتوب عليها: «تفضل السيد الرئيس جمال عبدالناصر بإنابة السيد كمال أبوالفتوح محافظ القليوبية بافتتاح قصر الثقافة بمدينة بنها»، وكان ذلك فى عام 1960.
ظلت الأجيال المتعاقبة تقرأ هذه اللوحة، ويعرفها كل من كان يرتاد القصر من المواهب والمثقفين، وأصحاب الأنشطة المعرفية، بالإضافة إلى رواد السينما التى اشتهر بها هذا القصر لسنوات طويلة.
كنا أمام حقيقة معروفة، لكن العهد الجديد برجاله فى المحافظة ظن أن الناس بلا ذاكرة، وأن التزييف لن يلتفت إليه أحد، فقاموا بتغيير اللوحة لتكون على النحو التالى:
«فى عهد السيد رئيس الجمهورية الأستاذ الدكتور محمد مرسى، تفضل الأستاذ الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة، والأستاذ الدكتور عادل زايد محافظ القليوبية، والأستاذ الشاعر سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بافتتاح قصر ثقافة بنها وقصر ثقافة الطفل بتاريخ 30 أغسطس 2012».
هكذا تم التزييف وقلب الحقائق، ومسح تاريخ عمره يزيد على 50 عاما فى محافظة القليوبية، وأعلم أن القيادى الإخوانى والنائب البرلمانى السابق محسن راضى عن دائرة بنها قام بمشاهدة اللوحة شخصيا بعد أن علم بها، وفى حدود علمى أنه أبدى ضيقا من هذا التصرف.
لا يكفى تصحيح هذه الجريمة، إنما يجب محاسبة المسؤولين عليها، حتى يكونوا عبرة لمن يفكر فى الإقدام على مثلها، واللهم ارحمنا من شر «المتأخونين».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة