كريم عبد السلام

الجلد السميك

الإثنين، 19 نوفمبر 2012 10:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أطالب المسؤولين المتسببين فى كارثة قطار أسيوط بالانتحار، مثل نظرائهم اليابانيين، لأن الله حرم قتل النفس، لكنى أطالبهم على الأقل بأن يكون لديهم من الإحساس ما يجعلهم يقتربون من مستوى البشر، وأن يتخلصوا من الجلد السميك الذى يبد أنهم يصرفونه ضمن مستلزمات المنصب.

نعم أعرف وتعرف أنت أيضا أن وزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية ونوابه قد أقيلوا ويتم التحقيق معهم فى أسباب الكارثة بمعرفة النيابة العامة، لكن هناك مسؤولون كثيرون يرتبط عملهم بدوائر الكارثة، ولم يرتقوا بالفعل إلى المستوى المطلوب لأنهم مازالوا يرتدون جلودهم السميكة، وإليكم مثلا المسؤولين عن المستشفى الجامعى بأسيوط، والذى يتلقى فيه المصابون فى الحادث العلاج، فقد أجبروا أهالى المصابين على دفع دماء قلوبهم للحصول على شرائح ومسامير طبية وغيرها من مستلزمات العمليات الجراحية، وربما بعض هذه الأدوات والمستلزمات غير موجود أو له وكلاؤه المتخصصون، مما يجعل الأمر أكثر مرارة وعسرا على قلوب الأهالى الذين هرعوا وراء أبنائهم المصابين وقلوبهم تنزف.

لماذ لم يشكل رئيس الوزراء لجنة برئاسته وعضوية وزير التعليم العالى الذى يتبعه المستشفى الجامعى بأسيوط إداريا، ووزير الصحة المسؤول عن صحة المصريين، ومشيخة الأزهر المسؤولة عن الإشراف على معهد التلاميذ المصابين، لمتابعة وتسهيل تقديم الرعاية الطبية المناسبة للمصابين فى الحادث؟

هل الأمر يحتاج ذكاء خارقا، أ ومواهب استثنائية فى الإدارة، أم أنه الاستسهال اللعين والولع بالاستعراضات الرسمية، والسير على خطى وزراء سنوات الانحطاط فى عهد الرئيس المخلوع.

والد أحد التلاميذ المصابين فى الحادث ظل يبحث عن طبيب لإنقاذ ابنه الذى أصيب بنزيف داخلى فى المخ، لكنه لم يجد طبيبا متخصصا فى المستشفى، ولم يجد الإسعاف الطائر الذى صدعنا به وزير الصحة، ولم يجد الدور الحقيقى لرئيس الوزراء الذى حرص على أداء الواجب الإعلامى أمام كاميرات التليفزيون، بدلا من توفير الإمكانات للمتضررين، فقرر الأب المكلوم أن يستعوض ربنا فى ولده وأن ينتظر نفاذ القضاء.

كم أم لتلميذ من الضحايا لم تجد سوى الشكوى لله، وكم والد لأحد المصابين لم يجد أمامه إلا التجمهر هو وأقاربه أمام قطار الموت رافضين تحريكه أ وتسيير حركة المواصلات، لأن الدولة لم تكلف خاطرها وتسعفه فى ولده المصاب.

متى يتعلم مسؤولونا الدرس؟ متى يكونون على مستوى الأزمة؟ متى يتوقفون عن الاستخفاف بالمواطنين؟








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة