أكرم القصاص

الموت قاعدة.. والنياشين لا تفيد الموتى

الإثنين، 19 نوفمبر 2012 07:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذه الكلمات كتبتها فى عام 2001، بعد الحريق الذى التهم مئات المواطنين فى قطار وهم ذاهبون للاحتفال بالعيد مع أهاليهم.. قلناها أيام مبارك، ونقولها الآن لأنه لا شىء تغير:
الموت فى مصر ليس فى حاجة إلى مقدمات، لأنه يأتى فجأة وبلا استثناء، وإذا كان القدر لا يفرق عادة بين غنى وفقير، فإن فرصة الفقراء أوفر، وأرزاقهم فى الموت أوسع وأكثر تنوعا، ومن لم يمت من البطالة والحزن على مستقبله وضياع آماله، لن يعدم وسيلة يخلص بها البلد من شروره بوصفه مواطن «سكوندو» من الدرجة الثالثة وأدنى، لا يستحق أكثر من عدة مئات من الجنيه الخشبى الذى لم يعد يساوى الربع جنيه.

هذا الكائن الخرافى المسمى «الشعب» الذى يتحدثون باسمه فى المنتديات والمجالس التشريعية وتعقد باسمه المحاكم والاجتماعات، مجرد شىء بلا قيمة أكثر من الآلاف التى لم تتحرك كتعويض.. هذا الكائن يتحول فجأة إلى شىء آخر مهم جدا عندما يموت حرقا، أو سحقا، أو فرما، أو غرقا، أو استفتاء.. والحكومة ليست مسؤولة فى الغالب، ولن تكون، الكبار الذين لا يركبون الميكروباص أو المترو أو ينحشرون فى قطار بلا تحويلة، الموت فى مصر هو القاعدة والنجاة هى الاستثناء فى ميدان رمسيس أو أسيوط وسوهاج وطنطا والمنصورة ودمياط على الطرق السريعة والبطيئة والمتوسطة.

فى قطار الصعيد المحروق «عثر أعضاء اللجنة الفنية أثناء المعاينات على ملابس جديدة للأطفال لم تمسها النيران، ومجموعة من الصور الفوتوغرافية داخل حافظة نقود بدون أى بيانات عن أصحابها‏،‏ ومجموعة من البطاقات الشخصية والعائلية محترق جزء كبير منها».
وفى حادث أسيوط الآن سوف يعثر أعضاء اللجان على أوراق وكراريس، وأحلام ورسومات بريئة مثل أطفالنا، ومثلما فعل عاطف عبيد رئيس حكومة مبارك وقتها «ذهب إلى مكان الحادث لا ينوى على شىء، تحدث بثقة وتؤدة ويقين كامل ووعد بمحاسبة المقصرين، فعل هشام قنديل الذى قال أنه ستتم محاسبة المسؤولين. ويومها للمصادفة «أكد الرئيس مبارك فى كلمة وجهها إلى أسر الضحايا.. أن أرواح المواطنين أغلى علينا من أنفسنا.. وأن الحادث مفجع وأليم أدمى قلوبنا وحز فى نفوسنا.. وقال الرئيس «لن نسمح بأى محاولة لإخفاء الحقيقة أو التغطية على أى جانب، مما حدث»، وهو نفس ما قاله الرئيس مرسى.

لكن الواقع كان ينفى ما يقوله مبارك، وفتح الحريق الهائل الذى تعرض له قطار الصعيد ليفتح ملف الإهمال والفوضى والتسيب فى هيئة السكة الحديد، ومثله جاءت كارثة أسيوط لتؤكد أن الفوضى مستمرة، وأن خطاب قنديل ومرسى لم يختلفا عن خطاب عبيد ومبارك، فالضحايا لن تفيدهم النياشين.

الوزراء والمسؤولون يكررون نفس السلوك فى حادث القطار وكل كارثة، وكأنهم يؤدون دورا فى فيلم.. فهل من جديد لنقول إننا انتقلنا من نظام لآخر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة