كل حاجة حلوة كانت فى مصر، اللى فيها مليار حاجة حلوة.. بتتلاشى.. الأسباب واضحة جدا.. جدا.. بس ولا أى حد عايز يكشف عن الوجه القاسى للحقيقة!
ثورة قامت دفع الشباب ثمنها من دمائه الذكية.. الشكل.. والأداء فى الميدان، وكل الميادين كان حاجة تفرح.. ولم يلاحظ أحد من اللى عاملين فيها مصريين الأعداد التى توافدت على ميدان التحرير.. ميدان الحرية.. ميدان ورد الجناين لالتقاط الصور.. سواء الرسميين من أمريكا وألمانيا «وحموم الإنسان».. حتى الأخ بان كى مول بس مش تجارى!
ليه الناس دى جت؟!
سؤال شديد القسوة.. أو إجابته هى الأقسى!
لأن الناس دى كان متخيلة أن المخلوع أول ما يسمعنا السلام عليكم ويروينا جمال خطوته.. ويتنحى.. سيعود لمصر التاريخ وجهها الحضارى، بس الناس دى ياجدعان صدمت فينا.. آى والله أنا مش بحب المأساويات ولا حاجة.. ده اللى حصل!
الناس دى كانت فاكرة إن اللى مانعنا عن التقدم هذا الديكتاتور.. وظنوا أن الشارع المصرى سينضبط وستكون السيارات صفا واحد مشيا.. أو وقوفا.. وسنلتقى صباحا على تحية الخير.. ومساء الخير آخر اليوم!
كانوا فاكرين إن جبل الفساد انهار، وستخرج من مناجمهم كل معادن الأخلاق الحميدة!!
لكن وبكل أسف فجرت فترة ما بعد الثورة.. أسوأ ما فينا!
الكل لهث خلف الجماعة.. وعلى رأى ريتشارد قلب الأسد.. أو عمنا حمدى غيث - رحمه الله - الفلاحون فى الحقول.. العجائز أمام ركية النار.. الحطابين بتوع الذرا المشوى، طاحوا فى بعضهم انتقاما!
هو فيه شعب فى العالم.. الناس أول ما تنزل على خلفية حادث مرورى ينتج عنه تلف أبسط من بساطة المطربة صباح رحمها الله، أو لأن أولاد صغار جدا اشتبكوا مع بعض، يروح الناس ضاربين بعض بالنار والمواسير والسواطير والسنج والمطاوى.. لأ.. دى المطاوى بقت لتسليك السنان!
هو فيه شعب كله حاطط إيده فى جيب كله؟!
إيه ده.. إيه اللى جرى يا مصر.. ما لكم يا مصريين.. طيب احترموا وتذكروا دماء الشباب.. اللى أعادو الرجولة للرجال.. والأنوثة للأمهات المغلوبات على أمرهن.. حلوة «أمرهن» دى!
كان نفسنا نشوف احترام متبادل، واحترام للطريق.. وتوقف نزيف الانتقام!
كان نفسنا نكون شركاء.. لا أجراء.. كان نفسنا نبدأ مجرد بداية فى إعادة الاحترام وتزكية القانون.. مش كل واحد يجرى يبنى بدون ترخيص، ويخطف نور.. ويدمر المجارى إذا كانت موجودة أصلا!
كان نفسنا نستبدل عصا الأمن الغليظة بـ«عصى قانون أشد غلظة»!
كان نفسنا نوقف هرتلة التشكيك والتخوين.. وإن اللى مش مطلق لحيته «دقنه يعنى» يبقى كافر!
كان نفسنا أن يحترم صغيرنا كبيرنا.. وأن يرعى كبيرنا صغيرنا.. بس ياما كان فى نفسى!
علشان كده.. فكرت إننا وبشوية استثمارات يمكن لأى جالية مصرية فى الخليج وأوروبا مع إطلاق صكوك.. وعمل جمعية يقبضها المقتنعون بالفكرة، الأول.. طب هى إيه الفكرة؟!
نروح نأجر بلد صغير.. مثلا.. مثلا حتة من الصومال.. إرتيريا.. موريتانيا.. بلاش نقول جزء صحراوى من السودان.. مثلا.. أو مثلا.. مثلا سيناء والعياذ بالله.. هذه القطعة الكبيرة.. اللى ممكن نكتب عليها يافطة.. «مصر الجديدة».. بقانون يضعه الجميع، ودستور لكل التركيبة!!
صدقونى لا أحلم بسفينة نوح.. ولا بفيلم نهاية العالم 2012.. لكننى أحلم بالتجربة الأمريكية.. أيوه.. التجربة الأمريكية هذه البقعة التى تعهد من وصلوا إليها بأن تكون وطنا لهم، لكننا لن نطرد ونذبح ونسلخ سكانا أصليين، لأننا سنختار حتة الأرض على ناصيتين، ومالهاش أصحاب.. وتنتقل لنا بالإيجار، مع وعد بالبيع، أو أن يعيشوا معنا!
صدقونى نحتاج جيلا جديدا مقتنعا بأن الدين لله والوطن للجميع.. وأن الدستور هو هوية وعمود فقرى لأى وطن يحترم مواطنيه.. مقتنعا بأن العمل عبادة.. وإلا لفاز فريق من مكة المكرمة على البرازيل 20/صفر يوميا.. ده فريق مكة ياجدع!
جيلا يقتنع بأن العمل فقط هو العبادة.
جيلا يقتنع بأن يترك مصر العتيقة للموجودين فيها.. لأن فلول الأمس بقدرة الفساد الجامح.. هم ثوار اليوم.. طب والله ده اللى حاصل!
خلاص نسيبها لهم يكلموا بعض فى التليفزيون التليفون.. يضربوا بعض بإيد الهون.. يكتبوا فى الجرايد القومية مع أنها مجرد هياكل حكومية.. ماداموا غير مقتنعين أن للصبر حدودا والذاكرة لا تخطئ.. بس خليهم.. فالفضيحة قادمة لا محالة!
البلد الجديدة دى هايكون فيها ملاعب ودورى ورموز للعمل الوطنى بجد.. هايكون فيها تعليم حقيقى مش «ناس بتترسم على ناس»!
صدقونى فكروا.. يمكن توافقوا على قبول دعوتى فى استئجار «بلد صغير» يمكن ربنا يكرمنا فيه.. بسلوك وملاعب وشوارع!
> عايز أقول للإخوة المتدينين.. أى حد بيرحل عن الحياة.. شايف ذريته وأعماله ونتيجتها عليهم.. بس مش هايقدر يعمل لهم حاجة.. يالهوتى.