ناجح إبراهيم

الحرب على غزة فى فكر داعية

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012 07:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أولا: أعزى كل أم غزاوية استشهد أو أصيب ابنها.. وأربت على كتف كل طفل وطفلة استشهد والدها.. وأقف معظما تضحيات المضحين.. وثبات الثابتين.. ورباط المرابطين.. وشجاعة الشجعان.. محتقرا نفسى وجهدى وقلمى أمام بطولاتهم وتلك الدماء الزكية التى تسيل من أبدان الشهداء لتكون مسكا فى قبورهم ورحمة لهم فى الآخرة وشفاعة لأقربائهم وأحبابهم «يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ».

ثانيا: أهل غزة الأبطال وعلى رأسهم حماس الذين حملوا راية الجهاد ضد الاحتلال الإسرائيلى خلال العشر السنوات الأخيرة استلموا هذه الراية من فتح وقاموا بحملها خير قيام.. وبذلك يستلم الإسلاميون راية الجهاد من التيارات القومية والوطنية ويبلون فيها خير بلاء.

ثالثا: إسرائيل من أكبر الذين أضيروا من ثورات الربيع العربى، والذى جاء زلزالا عليها وقاضا لمضجعها ومبددا لسكونها.. لقد جاءت ثورات الربيع العربى لتقلب كل حساباتها التى اطمئنت إليها طويلا والتى كانت تقول إنها سيدة المنطقة العربية بلا منازع، لقد تحولت مصر من دولة حليفة لإسرائيل إلى دولة عدو، ولكنها عداوة مستكنة وصامتة بفعل كامب ديفيد، وذلك لصعود الإسلاميين لسدة الحكم فى مصر وهم الخصم التقليدى العتيد لإسرائيل.. ومصر هى الدولة العربية الكبرى فى المنطقة التى إن أصبحت إسلامية أصبح الشرق إسلاميا، وإن أصبحت قومية تحول الشرق إلى قومى، وإن أصبحت حليفة للغرب حالفهم الجميع.

رابعا: الهدف الرئيسى من العدوان الإسرائيلى على غزة هو تدمير الصواريخ طويلة المدى التى استطاعت حماس الحصول عليها مؤخرا.، فقد وصلت إلى حماس أثناء ثورات الربيع العربى وقبلها بقليل أسلحة صاروخية بعيدة المدى تستطيع إصابة تل أبيب والقدس.. ولذا أرادت إسرائيل ضرب هذه الصواريخ قبل أن تدخل فى أى صراع جدى مع إيران، ويبدو أن هذا الهدف قد فشل، لأن إسرائيل ظلت تقصف غزة لمدة يومين.. ورغم ذلك انهمرت الصواريخ الحديثة بعيدة المدى من غزة لتصل إلى العمق الإسرائيلى نارا تلظى ليذوق الإسرائيليون بعض ما أذاقوه لكل أسرة فلسطينية منذ 1948 وحتى يومنا هذا.

خامسا: هذه أول مرة تسقط حماس طائرة حربية إسرائيلية حديثة من طراز f 16 وتأسر أحد طياريها.. وهذا تطور نوعى خطير ودقيق سيفرض نفسه على كل المواجهات الإسرائيلية الغزاوية القادمة، وهذا قد يؤدى إلى كسر السيطرة الجوية الإسرائيلية على سماء غزة، وهذا يذكرنا بيوم الدفاع الجوى المصرى فى أواخر السبعينيات، حيث أسقطنا 21 طائرة فى يوم واحد فى مفاجأة غير متوقعة بعد إدخال بطاريات سام إلى غرب القناة.

سادسا: قضية فلسطين ستظل هى قضية العرب والمسلمين المحورية مهما حاول البعض تجاهلها أو إهالة التراب عليها، إنها ليست قضية أرض فحسب، ولكنها قضية أمة وعقيدة ومقدسات فى المقام الأول.

سابعا: الموقف المصرى الجيد الذى اتخذه د. مرسى وحكومته بدعم غزة دعما حكوميا وشعبيا كاملا يمثل البداية العملية والحقيقية لعودة مصر إلى وضعها الطبيعى إلى مربعها العربى وقضاياها الحيوية والاستراتيجية.. وهى عودة محمودة تعد من حسنات ثورات الربيع العربى ومن حسنات د. مرسى أيضا، وهى ستمسح ذلك العار الذى لحق بالسياسة المصرية الرسمية فى الفترة الأخيرة والتى لوثها إعلان ليفنى الحرب على غزة وهى تجلس إلى جوار أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصرى الأسبق.

ثامنا: علينا ألا نستصغر أى محاولة جادة من أى شعب لمقاومة المحتل، فصواريخ حماس التى أسقطت طائرة اليوم والتى أقضت مضاجع إسرائيل بدأت بداية بسيطة متواضعة جدا منذ عشر سنوات.. وكان البعض يسخر منها، ولو أن اليأس تسرب إلى هؤلاء الرجال يومها ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم.. «فلا تحقرن من المعروف شيئا»، كما قال «صلى الله عليه وسلم».. وقد بدأ تحرير القدس أيام الصليبيين بجهاد إمارة صغيرة بالشام هى إمارة حلب، كان يقودها عماد الدين زنكى، ثم أكمل مسيرته نور الدين محمود، حتى جاء صلاح الدين الأيوبى فوحد مصر والشام والحجاز وقاد الأمة إلى النصر العظيم بعد سنوات طويلة من القتال والصلح.

تاسعا: البعض الآن يزايد على حكومة د. مرسى ويطالبه بفتح الحدود لملايين المصريين للهجوم على إسرائيل أو أن يعلن الحرب على إسرائيل الآن، وهؤلاء لا يدركون المرحلة التى تمر بها مصر الآن اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واستراتيجيا، ولن أستفيض فى ذلك الأمر فى هذا المقال، لأنه أمر معروف للجميع، وأرى أن هؤلاء الذين يطلبون هذه الطلبات بحاجة إلى إدراك القواعد الآتية:

أ: للشعوب اختياراتها وللحكومات ضروراتها.
ب: للشعوب خطابها العاطفى وقد تكون محقة فى ذلك.
ج: للحكومات خططها المحكمة، وخاصة فى حالة الحرب التى تبنى بدقة على الإمكانيات العسكرية والسياسية والاقتصادية والحلفاء الإقليميين والدوليين.
د: هناك فرق بين الأمانى التى يتحدث عنها الخطباء والشعراء الذين يدغدغون العواطف وبين الممكن والمتاح الذى يحدده القادة العسكريون والاستراتيجيون بدقة حتى يحسبوا قوة كل دبابة وطائرة والتوقيت، وحساب القوة التكتيكية والاستراتيجية.
هـ: من يحارب لا يتكلم كثيرا ويعمل فى صمت.
عاشرا: تعد هذه فرصة تاريخية للقوى السياسية المصرية للتلاحم والتوافق والتغافر، ولنحذر من ضياعها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة