حين تستمع إلى من يهدد الكنيسة بعد انسحابها من «تأسيسية الدستور»، بأنه سيتم إلغاء المادة الثالثة التى تنص على احتكام المسيحيين لشرائعهم، فهذا يعنى أنك أمام كتابة دستور بلى الذراع، وأمام عدم مسؤولية وطنية تنطلق من فهم بائس عن أن المسيحيين «أقلية» وعليهم الانصياع إلى الأغلبية فى كتابة الدستور، وإلا فعليهم البحث عن وطن بديل.
وحين تستمع إلى المستشار حسام الغريانى قائلاً: «أنه سيمهل المنسحبين يومين، فهذا يعنى أنك أمام رئيس للجمعية لا يلتفت إلى المعنى السياسى الكبير والعميق لخطر هذه الانسحابات».
وحين يقول عمرو موسى: «نتفق على إلغاء مواد ثم نفاجأ بظهورها مرة أخرى»، فهذا يعنى أنك أمام دستور يتم تجهيزه فى غرف مغلقة، ويقودك إلى تصديق ما يقال عن أن هناك لجنة غير معلنة من خارج الجمعية يتم الرجوع إليها فتقرر ما تشاء من مواد وتكتب وتضيف وتحذف.
وحين يقول الإعلامى الكبير والكاتب حمدى قنديل، عن أن اللجنة الاستشارية لـ«التأسيسية» بقاماتها الرفيعة وهو من بينها، لم يتم الالتفات لآرائها ومطالبها، فهذا يعنى أن تشكيلها كان للاستثمار الإعلامى، وهو ما فطن أعضاؤها إليه، فقرروا الانسحاب.
وحين يتحدث الدكتور محمد البلتاجى المتحدث باسم الجمعية، عن أن الجمعية مستمرة فى عملها، وأنه لا يوجد سبب للانسحاب، فهذا يعنى أننا أمام مسؤول كان يتحدث عن التوافق لـ«الشو الإعلامى»، وحين اقتربت لحظة الحسم ظهر كما هو، جندياً مخلصاً للخندق الذى ينتمى إليه، وليذهب الآخرون إلى الجحيم.
وحين ترى كل ما يحدث فى الجمعية، لابد أن تتذكر ما حدث قبل أسبوعين حين التقى الرئيس مرسى عددا من الرموز السياسية فى مقدمتهم مرشحو الرئاسة السابقون، حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح وعمرو موسى، ففى هذه اللقاءات كان القاسم المشترك فى حديث هذه اللقاءات هو قضية الدستور، تحدث حمدين عن ضرورة إعادة تشكيل الجمعية بتوازن، وتحدث موسى عن أن ما يجرى داخل الجمعية لا يبشر بدستور سليم، وتقدم أبوالفتوح بمقترحات حزبه التى تختلف عما جاء فى الكثير مما أنتجته الجمعية، ماذا فعل الرئيس مع مجمل هذه الاقتراحات؟
حين تضع أمامك كل هذه الصور، فاضحك من كل الذين يتحدثون عن أننا بصدد دستور هو الأفضل فى تاريخنا والعالم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة