أن تختلف فى الرأى وتمارس حقك الطبيعى فى الاعتراض والانسحاب السلمى من الجمعية التأسيسية للدستور فأنت فى وجهة نظر الإخوان والسلفيين «كافر» و«دجال ومضلل» بل ومن «الأنجاس» و«المطبلاتية والرقاصين» سواء كنت عضوا فى الجمعية مسلما أو مسيحيا، انسحابك واعتراضك على محاولة السطو على دستور مصر الجديد هو اعتراض على الإسلام وليس احتجاجا على سيطرة فصيل واحد وفكر تكفيرى واحد على دستور المستقبل، فإما يا عزيزى ممثل التيارات والقوى السياسية المدنية فى الجمعية التأسيسية أن توافق على كل ما وضعوه فى مواد الدستور و«بما لايخالف شرع الله» وتدخل فى زمرة المؤمنين والموحدين والمسلمين، وإما تكون من «الكفار» و«الصليبين» من نسل أبى جهل وأبى لهب وريتشارد قلب الأسد ولويس التاسع، وعليك أن تختار ما فرضه عليك وباسم الإسلام سارقو الثورة وأصحاب أكبر عملية سطو فكرى فى تاريخ مصر على ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وكان عليك أن تدرك ذلك منذ البداية، فقد كنت تجلس مع آيات الله وأصحاب الولاية وأنصاف الآله فى الأرض والذى لا يأتى الباطل من بين ظهرانيهم.
هذه هى الديمقراطية التى يريدونها وهذه هى الدولة الجديدة الذى يبغونها.. دولة دينية كهنوتية من يعارضها فهو كافر وصليبى وليس صاحب رأى مختلف أو فكر معارض لما يحدث من مهزلة داخل جمعية فقدت شرعيتها من اللحظة الأولى.
إذن كما يرى الذين وصفوا الشعب فى ثورته على نظام مبارك بـ«الخوارج» وبالكفر لأنه خرج على الحاكم فى بداية الثورة والذين التحقوا بقطار الثورة بعد انطلاقه، فإن مصر الآن مقسمة بين الإسلام الذى يمثلونه هم وحدهم باعتبارهم الوكلاء الحصريين له فى الأرض وبين «الكفار» من القوى الثورية والمدنية الأخرى.
أستشهد فى ذلك بما قاله أحد المدعين والذى يلقب نفسه بالداعية الإسلامى والذى صدر عفو رئاسى عنه من الدكتور محمد مرسى، فقد أعرب عن سعادته البالغة بانسحاب القوى المدنية من الجمعية التأسيسية لأنهم «أنجاس ورقاصين ومطبلاتية وصليبيين» بل وإن الله «طهر اللجنة من هؤلاء اللى مش عايزين شرع ربنا».
واستشهد أيضا بوصف القيادى الإخوانى بحزب الحرية والعدالة للمنسحبين من التأسيسية بالدجالين والمضللين، وأنهم -المؤمنين الموحدين ومحتكرى الإسلام- ساروا مع «الكفار» من القوى الليبرالية والعلمانية -على حد وصفه- على طريقة الرسول الكريم فى صلح الحديبية.
هل هذا هو المصير والمستقبل؟ وهل هذه هى ثورة «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»؟.. هل من إجابة؟