ماذا تبقى لمصر وللمصريين؟ أول أمس كان يوما داميا.. ويبدو أن الأيام الدامية والأحداث السريعة ستعود من جديد، لتتصدر عناوين الأخبار، مازلنا بعد لم نفق من هول ما حدث فى أسيوط نتألم من الوجع على تلك الأرواح البريئة التى اغتلناها جميعا بصمت رهيب، وللأسف يبدو أن الحادث سيمر مرور الكرام مثل غيره من الحوادث المتكررة، ولا أعرف هل اعتاد المصريون الموت هل صار المصرى مجرد رقم فى نشرات الأخبار، وصفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، مات 51 طفلا، قتل 17 مصريا فى حادث تصادم، مصر الأولى على مستوى العالم فى عدد وفيات حوادث الطرق، جملة بات المسؤولون يرددونها بقلب بارد وعقل ميت.. ويبدو أن بعضهم صار فخورا بأن مصر أخيرا استطاعت أن تحتل المركز الأولى وليس مهما إذا كان فى حوادث الطرق أو القتل، المهم صرنا رقم واحد قالها محافظ أسيوط -المفترض أنه جراح قلب- وكأنه لم يكن يكفينا ذلك الحادث لنجد أخبارا متلاحقة عن اشتباكات دامية فى ذكرى محمد محمود عن كر وفر بين الأمن والمتظاهرين، ارتفاع أعداد المصابين الاشتباكات تنتقل إلى شارع قصر العينى، المتظاهرون يحاولون اقتحام الجدار عند وزارة الداخلية، الفيس بوك يشتعل من جديد والأخبار تتوالى بسرعة رهيبة ظهور المصفحات، المتظاهرون يشعلون النيران فى سيارة أمن مركزى، وكأن ذلك كله لم يكن كافيا لنجد خبرا شديد الغرابة ويثير الكثير من الدلالات عن اشتباك بين عدد من ضباط الشرطة والجيش.
والشرطة العسكرية تحاصر القسم، وصول قائد المنطقة المركزية ومدير الأمن العام لحل الأزمة واحتواء الموقف، وعندما تعرف أن سبب الأزمة هو مشادة كلامية بين ضابط شرطة وضابط جيش حول الرخصة.. لا تملك إلا أن تضرب كفا بكف وتصرخ على ما تشهده مصر من انفلات وعدم إحساس بالمسؤولية وتخبط وانهيار كامل فى ما يسمى بالنظام والدولة.. عن أى بلد نتحدث وإلى من نلجأ أو نحتمى إذا كان ضابط جيش احتدت مناقشته مع ضابط شرطة فاستعان كل منهما بزملائه ليهدد الآخر وليثبت أنه الأقوى والمسيطر وصاحب اليد العليا، فى أى دولة نحن.. وأى نظاما نتبع؟ الإجابة واضحة أنه والحمد لله فى زمن الإخوان.. وما حدث فى اليومين الماضيين لا يثبت سوى شيئا واحدا، أن النظام الذى يحكمنا والذى ملأ الدنيا بالعهود القاطعة والحاسمة هو نظام فاشل وعاجز، لا يملك من أمر البلد شيئا، وكل هم قادته هو صياغة دستور يدمر الهوية المصرية ويعيد مصر إلى الوراء مئات السنين، لا توجد رؤية واضحة لأى ملف حيوى فى التعليم أو الصحة أو الأمن وغيره، لا يملك الرئيس مرسى وحكومته شيئا محددا حتى الآن حالة من التخبط والفوضى يبدو أنها ستقودنا إلى فوضى أكبر وأيام أكثر سوادا وتصادف إزاء كل تلك الأحداث قيامى بقراءة رواية باب الخروج للكاتب عز الدين شكرى فيشر، وهى الرواية التى تحمل الكثير من الرأى حول مستقبل مصر وما قد تشهده الأيام المقبلة من تطورات فى الوضع السياسى ليس فى مصر فقط بل فى المنطقة العربية ورغم أن الرواية تتحدث عن محاولة الخروج من المأزق لكنها وللأسف تؤكد أن الأسوأ لم يأت بعد، وأن المصريين لا يزال أمامهم الكثير للخروج من الواقع الراهن.. ولكن فى تلك الحالة على من نراهن؟ الإخوان، السلفيون، الجيش، الشرطة، أو القوى الليبرالية أم على أنفسنا؟ رغم أننا أصبحنا نجيد تحويل إحيائنا لذكرى دامية إلى حاضر لا يقل دموية بحال من الأحوال؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة