العزاء للرئيس محمد مرسى فى وفاة شقيقته. التى رحلت بعد فترة طويلة من مصارعة المرض اللعين. ولاشك أن موقف الرئيس مرسى من مرض شقيقته فيه أمور لافتة. فما كان أحد سيلوم الرئيس لو قرر نقلها بقرار إلى أحد المستشفيات العسكرية، أو حتى للعلاج فى الخارج، لكنه لم يفعل. وهو موقف يحسب للرئيس مرسى، الذى قبل علاج شقيقته فى مستشفى جامعى من بين مستشفيات تفتقر إلى الإمكانات الكبرى، حتى لو كانت تضم أطباء على مستوى محترم. كان المسؤولون والوزراء والكبراء وأسرهم فى النظام السابق يسافرون للعلاج فى الخارج، لو أصابتهم نزلة برد، وحتى وزراء الصحة كانوا يعالجون فى الخارج، وعلى رأسهم وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلى، الذى كان يمتلك واحدة من أكبر المستشفيات فى البلاد.. أقصد دار الفؤاد.
وأتذكر أننى كتبت يومها أن سفر وزير الصحة وزوجته للعلاج فى الخارج، يؤكد أنه لايثق فى مستشفاه، ولا فى النظام الطبى بمصر. فكيف يطالب المواطن العادى أن يثق فى المستشفيات المحلية. وكان الوزراء والمسؤولون ورجال الأعمال، يسافرون للعلاج فى الخارج مع أى وعكة، ليؤكدوا أن نظامنا الطبى غير موثوق فيه.
فإذا كان الرئيس مرسى قبل أن تعالج شقيقته مثل المواطنين فى مستشفى جامعة الزقازيق، فهى خطوة إيجابية، لكن ذلك تزامن مع حادث القطار، واكتشاف أن مستشفى أسيوط الجامعى يخلو من أبسط الإمكانيات. وهنا نقطة تستحق التوقف، ويمكن أن تكون أساسا للحديث عن نظامنا الطبى والعلاجى. وبعد أن ينتهى الرئيس من عزاء شقيقته. يمكن أن يبدأ فى دراسة أحوال الطب فى مصر. وأن يستفتى خبراء وعلماء الطب، ونحن لدينا أطباء وخبراء فى الطب.. لكن عندنا طب سيىء، وأضرب مثلا بخبرة عظيمة مثل الدكتور محمد غنيم صاحب التجربة الرائدة فى مركز الكلى بالمنصورة، ويمكن للرئيس أن يراجع منظمى إضراب الأطباء الذين يحملون رغبة حقيقة فى إنقاذ الطب.. وليس فقط الأطباء.
ومثلما قبل الرئيس فى خطوة جيدة أن يعالج شقيقته فى مستشفى جامعى، فليس أقل من أن يبدأ فى اتخاذ خطوات لتحديث المستشفيات الجامعية والعامة والمركزية، وساعتها سوف يجد كل سند. لأن قضية الطب والعلاج فى مصر، لاتخص شخصا أو تيارا، دون آخر، لكنها تخص الوطن كله، ويمكن أن تكون موضوع إجماع عام، بعيدا عن مجادلات الدستور واحتكارات السياسة.
ونظن أن فيروس الكبد الوبائى، والسرطان والفشل الكلوى، تمثل تهديدا لأمن الدولة يفوق أحيانا التهديدات الخارجية. وأمور الصحة والعلاج فى مصر، تعانى من تراكم للإهمال والفساد، أدى إلى أن تكون المستشفيات عاجزة عن إغاثة مريض. وإذا كان الرئيس قبل أن تتلقى شقيقته العلاج فى مستشفى جامعى، فهو لاشك يعرف بخبراته قبل الرئاسة، كيف يواجه المواطن الفقير الموت فى المستشفيات، ويمكن أن تكون البداية من المستشفيات.
العزاء للرئيس.. والعلاج للشعب.