كتب لى رسالة طويلة قال فيها "تعودت لسنوات طويلة على أداء صلاة الجمعة فى أحد المساجد القريبة من بيتى بمنطقة العجوزة، وكان يجمعنى بشيخ الجامع علاقة احترام وتقدير حتى أنى كنت أسأل عنه لو غاب لظرف أو سافر فى حج أو عمرة. ومنذ أن بلغ ابنى سن السابعة صار يصاحبنى لصلاة الجمعة كل أسبوع لأنى حريص مثل ملايين الآباء على تعليمه مبادئ الدين الصحيح وأهمية المواظبة على الصلاة وأداب الدخول والجلوس فى الجامع والإنصات والتعلم من خطبة الجمعة.. وبعد الثورة ومراحلها المرهقة وبعد أن دخل ابنى سن المراهقة.. كان على أن أكثف اهتمامى به وأن يطول حوارى معه بين شئون سياسية أو اجتماعية أو دينية.. كنت دائما ارتكز على مبدأ واحد "أن الدين لله والوطن للجميع" وأن السياسة تتغير وتتبدل، ولكن للدين والأخلاق ثوابت ومبادئ لا تتجزأ.. كنت أدعوه دائما لأن يفصل بين أفكار السياسيين وطموحاتهم وبين الدين ونبل غايته.. وألا يتكلم فى السياسة باسم الدين ولا أن يقحم الدين فى حماقات السياسة فشتان بين علاقة الإنسان بخالقه الأعلى وبين علاقته برئيس دولته أو حكومته أو نظامها السياسى.. كنت أداعبه قائلا أنت تسأل الله عن الجنة فى الآخرة ولكنك تسأل حكامك عن رغيفك كل يوم.. كنت أعلمه أن الليبرالية أو العلمانية مجرد فكر وليس كفر كما يدعون الآن.. ويوم الجمعة الماضى ذهبنا إلى المسجد كالمعتاد وجلسنا ننصت لشيخنا الجليل الذى طالما كنت احترمه وأقدره حتى بدأ فجأة فى السباب والشتم لكل من تسول له نفسه الاعتراض أو النقد فى الحكم الدينى (الممثل بالطبع فى الإخوان والسلفيين) فهم الزنادقة الملحدون التائهون المرتدون وشبه المعترضين على الدستور من الرجال والنساء (بالكلاب التى تعوى والقافلة تسير).. نظرت بزعر إلى وجه ابنى المصدوم وشيخنا الجليل يبلغه فى خطبة الجمعة بأنه ابن كلب ومن نسل زنديق مرتد كافر.. ومنعت نفسى من الخروج غاضبا حتى لا أهز فى ابنى مكانة المسجد ووقار الصلاة.. وتساءلت داخل نفسى فى حسرة "هل يجب أن أذهب إلى مسجد آخر أم إلى وطن آخر؟؟".
لا أتصور أن هذا السؤال البغيض فرض نفسه على صديقى فقط.. بل صار معضلة لكل الزنادقة الذين يرفضون خلط قدسية الدين بشئون الحكم والسياسة، أو الكفرة الذين يدعون اخفاق الإخوان الذريع فى إدارة شئون البلاد.. أصبح سؤال ملح على الملحدين الذين اعتادوا على سماحة الدين الإسلامى وصدمهم وجهه السياسى الزائف الفاشل.. حتى المعترضين على الدستور أصبحوا كلاب تعوى والقافلة تسير.. فإلى أين نسير؟؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة