المزايدة هى الوجه الآخر للازدواجية، والسياسة حمالة أوجه، والسلطة تغير المواقف والمواقع، وتجعل المرفوض مقبولا، والمزايدة عادة سياسية، والازدواجية أيضاً، حيث يختلف موقف السياسى عندما يكون فى المعارضة، عن موقفه فى السلطة، وهو ما نراه الآن، حيث يتهم الإخوان معارضيهم بالمزايدة، ويراها المعارضون جماعة مزدوجة، وحتى لو كانت هناك مزايدة، فهى رد فعل على الازدواجية.
نراه فى الموقف من الحكومة، والدستور والقروض، النظام وأنصاره يزايدون على المعارضة التى ترى أنها كانت تجد تأييدا لنفس مواقفها عندما كانت تعارض مبارك.
فعندما كان الإخوان فى مجلس الشعب قبل حله، وعرض رئيس الوزراء الدكتور الجنزورى الاقتراض من صندوق النقد الدولى، هاج أعضاء الأغلبية ورفعوا فتاوى تؤكد أن القرض ربا وحرام، وفى الوقت نفسه كان اليسار من أيام السادات يرفض الاقتراض، ويعتبره خطرا على الاقتصاد يدخل مصر فى التبعية، ويفرض علينا شروط مسبقة.
لكن الحال تغير مع جماعة الإخوان بعد مجىء الرئيس مرسى، وعندما أعلن رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل الاقتراض أيده الإخوان والأغلبية، ودافعوا عنه، وقالوا إن ما ندفعه مصروفات وليست ربا، بينما واصل المعارضون رفضهم وقالوا إن الاقتراض خطر على الاقتصاد، فرد الإخوان أن الرافضون يزايدون، لقد تغيرت مشاعر وآراء الأغلبية من الجنزورى لقنديل، ولو كان الجنزورى رئيس وزراء فى حادث القطار لطالبوا بمحاكمته.
ولهذا استعاد المواطنون فيديو للرئيس مرسى وهو فى المعارضة بعد حادث قطار أيام مبارك عندما حمل رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية المسؤولية عن الحادث، وعندما وقع حادث قطار الفيوم ثم كارثة أسيوط وحملت المعارضة رئيس الحكومة والرئيس المسؤولية، خرج قيادات الحرية والعدالة ليتهموا من يتهمون الحكومة أو يعزون الضحايا بأنهم يتاجرون بدم الضحايا، فهل كان موقف الإخوان كمعارضين وطنيا، وأصبح نفس الموقف من المعارضة مزايدة وتجارة؟.
الأمر نفسه فى الخلافات حول الدستور، حيث رأينا من يمثلون التيارات المدنية فى تأسيسية الدستور وهم حلفاء للجماعة، فى انتخابات الإعادة، ووقف حمدى قنديل وعلاء الأسوانى وحمدى قنديل وغيرهم يعلنون تأييد مرسى فى مواجهة شفيق بعد اتفاقات ووعود، لكنهم مع الوقت بدأوا يقولون إن الرئيس الجماعة تراجعوا عن وعودهم، ونفس الأمر مع الدكتور محمد البرادعى وحمدين صباحى والذين كانوا يقفون ضد المجلس العسكرى وقبله مبارك، وقتها كانوا يحظون بتأييد الإخوان، لكن نفس الأشخاص عندما أعلنوا معارضة مرسى أو الحكومة، أو انتقدوا الاحتكار والتأسيسية، تم اتهامهم على أنهم يتحالفون مع النظام السابق، وأصبح أعضاء التأسيسية الذين واصلوا تواجدهم لشهور ورفضوا الانسحاب عندما انسحبوا تم اتهامهم بأنهم مزايدون ومتاجرون ومتحالفون مع النظام السابق، فيرد المعارضون أن مرسى مثل مبارك، وأنه يفعل ما كان يعارضه، بل وصل الأمر لأن يطالب نشطاء بمحاكمة مرسى لأنه لم يمنع قتل المتظاهرين فى محمد محمود.
السياسة والسلطة تغير المواقف، وما كان مرفوضا يصبح مقبولا، وما كان مرضيا عنه، يصبح متاجرة، والازدواجية تولد المزايدة.