بعيدا عن كل التحفظات على الإعلان الدستورى والقرارات التى أصدرها الرئيس مرسى مؤخرا والتى زادت من حالة الانقسام والتوتر، فإن أسوأ ما فيها هو المشهد الذى خرجت به، والذى نفى ما يحاول الرئيس مرسى تأكيده طوال الوقت من أنه رئيس لكل المصريين، حيث أكد هذا المشهد أن ولاءه وانتماءه الأول والأخير لجماعة الإخوان، يخصها بما لم يخص به سائر الشعب، فتعلم قبل غيرها بما سيصدر من قرارات هامة ومصيرية - هذا إذا لم نسىء الظن بأن هذه القرارات صادرة فى الأصل عن الجماعة أو بمشورتها - وأن الرئيس يشعر أن الجماعة هى درعه الواقى الذى يحمى قراراته ويضمن الحشد لتأييدها، رغم أنه أعلن فى أول خطاب له بالتحرير أنه لا يرتدى درعا واقيا وأنه يقف على مسافة واحدة من الجميع!!
احتشد شباب الإخوان من جميع المحافظات قبل إعلان القرارات أمام دار القضاء العالى، وبالتأكيد كان ذلك بناء على تعليمات من مكتب الإرشاد، فهل كان مكتب الإرشاد يعلم بهذه القرارات قبل صدورها؟ أم أنه هو الذى أصدرها؟ أم أن الرئيس مرسى وجد أن هذه القرارات تحتاج لمن يساندها ويحميها، وأن جماعته هى التى ستقوم بهذا الدور؟.. وهل علم الشباب المحتشدون بهذه القرارات قبل صدورها أم أنهم لبوا نداء الجماعة دون علم بهذه القرارات وهو ما أكده أحد هؤلاء الشباب فى مداخلة تليفزيونية.
قد نختلف أو نتفق حول مضمون هذه القرارات ودوافعها والحاجة إليها أو خطورتها ولكن الأخطر من هذا هو أن نشعر أن الرئيس ليس رئيسا لكل المصريين، وأنه لا يقف كما أكد على مسافة واحدة من الجميع، وأنه يحابى جماعة على أخرى ويعتبرها جماعته ودرعه الواقى، وليس خافيا أن هذه الأسباب كانت أكثر التخوفات التى دفعت البعض إلى عدم انتخابه رئيسا حيث كانت عبارة "الإخوان لو ركبوا مش هينزلوا" أكثر العبارات شيوعا بين من لم ينتخبوه يشرحونها بأنه لو كانت هناك أية اعتراضات على قراراته بعد أن يصبح رئيسا فإن الجماعة ستحشد له من يؤيدها حمية وتعصبا للرئيس ابن الجماعة بصرف النظر عن فحوى هذه القرارات، وهو ما تأكد بما أشار إليه الشاب الإخوانى فى مداخلته التلفزيونية مؤكدا أنه لم يكن يعلم بهذه القرارات مسبقا قبل أن يأتى لتأييدها.
سيادة الرئيس حتى وإن كان ضمن قراراتك ما نحتاجه إلا أن المشهد الذى خرجت به هذه القرارات أصاب الكثيرين بالإحباط وجعلك تخسر من اعتقدوا أنك رئيس لكل المصريين وصدقوا أنك تقف على مسافة واحدة من الجميع وهذا أخطر وأهم من القرارات نفسها لأنه زاد من حدة التقسيم والانشقاق، فأصبحنا وكأننا جمهوريتين جمهورية الرئيس وجماعته ومن يؤيدونها وعاصمتها قصر الاتحادية أو أمام دار القضاء العالى وجمهورية المعارضين ومن ليسوا مع الرئيس وعاصمتها ميدان التحرير وشارع محمد محمود فهل تنظر إلى الفريقين سواء بسواء وهل تنجح فى توحيد الجمهوريتين كما وحد مينا القطرين؟ وهل تعمل على أن يكون المصريون جميعا على اختلاف انتماءاتهم هم الدرع الواقى لكل قراراتك أم أنك ستكتفى بأن تكون رئيسا لأبناء الجماعة لأنها جماعة الرئيس؟ّ!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة