هكذا قال الرئيس مرسى للشعب المصرى مساء الخميس مثلما قال فرعون موسى من قبل للمصريين «أنا ربكم الأعلى» أريكم ما أرى فكانت نهايته وكان آية لمن خلفه. أعلن مرسى أنه الفرعون الجديد والحاكم بأمره وأنه معصوم من المساءلة والمراجعة على قراراته وأفعاله وأنه «لا يسأل عما يفعل» فى الدولة المصرية، وقال أنه الدولة، والدولة، ومثلما قالها من قبل آخر ملوك فرنسا قبل الثورة الفرنسية لويس السادس عشر. ألغى الرئيس بإعلانه الدستورى وبأفعاله وقراراته الإدارية مفهوم الدولة واعتلى الدستور والقانون وأنهى دولة القانون وكتب نهاية الثورة التى أطاحت بسلفه ونادت بالديمقراطية والحرية والعدالة الإنسانية والكرامة الإنسانية.
لم تشهد مصر طوال تاريخها القديم والحديث انقلابا على الشرعية والدستور وعلى مفهوم الدولة المدنية الحديثة مثلما حدث أمس الأول بقرارات جعلت من الرئيس «ظل الإله» على الأرض والديكتاتور الأعظم الذى لم تره مثله البلاد طوال عصورها القديمة والحديثة فقد أصبح هو صاحب كل السلطات الآن ولا يحق لأحد مراجعته والطعن فى قراراته التى أجمعت كل القوى الثورية والسياسية المدنية على بطلانها وخطورتها على الثورة ومسيرتها فى التحول الديمقراطى التى قامت من أجله. لم تقم الثورة من أجل هيمنة وتمكين جماعة لا علاقة لها بالثورة ومن أجل إنتاج ديكتاتور وفرعون جديد. فلا يمكن بأى حال من الأحوال اعتبار قراراته ثورية لأنه لم يأت من الثورة بل جاء بآليات تختلف مع أدوات الثورة التى لم يشارك فيها ولا ينتمى لأفكار ثورية لأن أدبيات الجماعة التى ينتمى إليها ضد الثورة التى «تأتى بالخراب» وأنصاره من باقى القوى الإسلامية تؤمن بعد الخروج على الحاكم وأن من يخرج عليه «كافر وآثم قلبه».
لقد وضع الرئيس مرسى بأفعاله الادارية أمس الأول مصر على حافة الهاوية والانقسام والتشرذم وعليه أن يعى الدرس ولا يكرر ما فعله مبارك عندما رأى فى معارضيه قلة حاقدة وقال قولته الأخيرة «خليهم يتسلوا» قبل أن يرحل إلى غياهب السجن وهو ما يفعله مرسى وعشيرته الآن ولم يمر على حكمه سوى شهور قليلة.
عليه الآن أن يتراجع فورا عن قراراته فالوطن فى خطر حقيقى وأصوات الغضب عادت من جديد ولا يغره فتاوى أهله وعشيرته واحتشاد أنصاره بأوامر مكتب الإرشاد. ويعى أن الحل فى الحوار والمشاورة وليس فى الهيمنة والاستحواذ واحتكار السلطة قبل فوات الأوان.