كريم عبد السلام

الحاكم بأمر الله

السبت، 24 نوفمبر 2012 09:43 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا يذكر التاريخ للحاكم بأمر الله وللفترة التى حكم فيها مصر؟
يذكر له أن عصره كان عصر توتر وصراعات ومشاحنات وعدم استقرار، وأنه كان يعتمد منذ صغر سنه على أتباعه السريين لتصفية خصومه ومناوئيه بالقتل أو النفى، مثل أبومحمد بن عمار وأبوالفتوح برجوان، وكلما قتل أحدا من خصومه أو تخلص منه بالنفى خرج على الناس ببيان يوضح أن إقدامه على القتل أو النفى ليس لغرض الانفراد بالحكم، وإنما لإصلاح حال الناس فى مصر.

ويذكر له التاريخ حرصه على تأليب الطوائف بعضها على بعض، مثل إثارة المغاربة على المشارقة أو استخدام القرامطة فى مواجهة العباسيين والعكس، ثم التخلص من الاثنين كما يذكر له التاريخ أنه استخدم الدين بانتهازية حتى يثبت أقدامه فى الحكم فأخرج من قصره المحظيات والمماليك وأعتقهم، وخلع الملابس الغالية والمذهبة وارتدى غيرها خشنة من الصوف، وخفف من الإسراف فى الاحتفالات بالمناسبات، كما أمر بألا يعظمه أحد فى كتاباته، وأن يقتصر الجميع على صيغة «سلام الله وتحياته ونوامى بركاته على أمير المؤمنين». الأمر الذى جعل العوام والسفهاء والجهلة يهتفون باسمه.

يذكر التاريخ للحاكم بأمر الله أيضا قراراته الغريبة التى تكشف عن غشم وجهل وتفاهة، تودى بصاحبها فى النهاية إلى موارد الهلاك، فقد صحا يوما من النوم ليمنع الناس من أكل الملوخية والجرجير، ومنع ذبح البقر إلا فى أيام الأضاحى، كما أصدر قرارا بأن يؤذن لصلاة الظهر فى أول الساعة السابعة ويؤذن لصلاة العصر فى أول الساعة التاسعة، وذات يوم أمر مجموعة من الشباب والمراهقين أن يقفزوا فى البحر من مكان مرتفع، فمات عدد كبير منهم ممن وقعوا على الصخور أو خارج الماء، فكرم الموتى وأمر لهم بتعويضات كبيرة.

الغريب أن الحاكم بأمر الله اختفى أو قتل فى ظروف غامضة تتناسب تماما مع مواقفه المتطرفة وقراراته الغشيمة، ويروى المؤرخون أنه خرج على حماره باتجاه المقطم لتفقد أحوال الرعية أو للخطابة فيهم عمال على بطال أو للصلاة بهم فى غير أوقات الصلاة، لكنه تبخر كما لو أن الأرض انشقت وابتلعته.. وهذا مصير كل ديكتاتور غشيم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة