قبل أكثر من شهرين كتبت هنا مقالا بعنوان «مرسى ديكتاتور جديد»، وكالعادة هاجمتنى كتيبة الإخوان الإلكترونية والأهم عاتبنى بعض الأصدقاء، لأن الرئيس لم يأخذ وقته ولابد من الانتظار، وكان ردى أن خطاب مرسى وجماعته يؤكد أننا إزاء مولد مستبد بمرجعية إسلامية، وهنا مكمن الخطر، لأنه سيتهم معارضيه بالخروج عن الإسلام والتخريب فى الأرض، وهذا ما حدث حيث وزع دعاة وخطباء مساجد لائحة لا تنتهى من تلك الاتهامات.
الاتهامات نفسها جاهزة، والأدهى أنهم أضافوا إليها حديثا مبتذلا عن الشرعية الثورية، وعن استكمال مسيرة الثورة واستكمال مؤسسات الدولة وعملية التحول الديمقراطى، وهو حديث باطل جملة وتفصيلا، فالاستبداد واحتكار كل السلطات لا يؤديان إلى ديمقراطية أو دولة مؤسسات، بل سيؤديان فقط إلى مزيد من الشخصنة فى السلطة والاستبداد بمرجعية إسلامية، طبعا وفق تفسير الإخوان وبحسب مصالحهم، وبالتالى أتوقع
أولا: صدامات وحروب باردة مع قوى وأحزاب المعارضة، التى يزداد حضورها فى الشارع، على خلفية ارتفاع الأسعار وزيادة معاناة أغلبية المواطنين.
ثانيا: نمو فرص تقارب قوى المعارضة وتوحدها ضد خطر الاستبداد، وأعتقد أن مرسى وجماعته يراهنون على ضعف وتشرذم المعارضة لتمرير الإعلان الدستورى الاستبدادى، لذلك أتمنى أن تتجاوز النخب السياسية أمراضها المزمنة وتجدد شبابها، وتسمو فوق خلافاتها وتعى خطورة الاستبداد باسم الإسلام، وتسارع للعمل المشترك والجاد دفاعا ليس فقط عن قيم الثورة وأهدافها، بل عن دولة القانون والسلطة التنفيذية كرقيب على السلطات.
ثالثا: أن يأكل الاستبداد أولاده، فالأحزاب والشخصيات الإسلامية المتحالفة مع الإخوان ستخضع عند أول خلاف لها مع مرسى وجماعته لمقصلة الاستبداد، فقرارات الرئيس التى لا يجوز الطعن عليها!! من هنا أتعجب من المعايير المزدوجة التى يستخدمها بعض دعاة السلفيين وبعض المثقفين لتبرير الإعلان الدستورى، والذى يمنح الرئيس سلطة مطلقة أى مفسدة مطلقة مهما كانت الدواعى والتبريرات.
رابعا: أن يصدر الرئيس الحاكم بأمره مجموعة من القوانين للقضاء على حرية الإعلام والتضييق على الإعلاميين، فدولة الاستبداد لا تحتاج لإعلام حر إنما تريد إعلاما تابعا، يسبح بحمد الرئيس وحكمته.
رابعا: عدم الاطمئنان لنزاهة الاستفتاء القادم والانتخابات البرلمانية أو غيرها من الانتخابات، فالرئيس الحاكم بأمره سيصدر ما يشاء من قوانين منظمة للانتخابات ومن ترتيبات إجرائية، وبالنظر إلى أن الرئيس ينفذ توجيهات وسياسات جماعته والتى هى طرف أصيل فى العملية الانتخابية، فمن المرجح أن تجيز كل الأمور لضمان فوزها فى أى انتخابات قادمة.
توقعاتى السابقة ليست حقائق أو سيناريوهات حتمية، فالواقع المصرى أكثر ثراءً وتعقيدا من أى محاولة لتوقع مساراته، وقد فاجأنا الشعب بعد الثورة بأفعال وسلوكيات لم تكن متوقعة، فنحن فى حالة ثورة، لذلك أخشى دخول الوطن فى حالة حرب أهلية كنتيجة طبيعية للاستقطاب والاحتقان الذى فجره إعلان مرسى الدستورى، ونتيجة أيضا للنزعة الانتقامية التى نعكسها كثير من تصريحات ومواقف الإخوان، ولاشك هذه النزعة ليست فى مصلحة بناء مصر ونهضتها، وقناعتى الدائمة بأن مصر الغد لن يبنيها سوى كل أبناء الوطن من كل الأحزاب والقوى السياسية، من خلال توافق عام وعمل مشترك، فهل يدرك هذه الحقيقة الرئيس، أم يستمع إلى شيطانه وجماعته؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة