كمال حبيب

جدلية الحرب والسياسة.. غزة ومصر

الإثنين، 26 نوفمبر 2012 12:09 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحرب هى السياسة بوسائل أخرى تلك هى مقولة الاستراتيجى الألمانى "كلاوزفتز"، إذن لا توجد أمة ستحارب على طول الخط، ولا توجد أمة أيضا ستعيش سلاما على طول الخط خاصة لو كانت أراضيها محتلة كما هو الحال فى فلسطين. استطاعت المقاومة أن تصمد فى وجه الهجمة الصهيونية الشرسة، وطالت صواريخها نطاقات أعمق فى قلب تل أبيب، وأثبت الشعب الفلسطينى جدارته بالصبر والصمود وتمسكه بقضيته، وأثبت عالم الربيع العربى ذات الطابع الثورى أن مصر لن تكون كنزا استراتيجيا للكيان الصهيونى، وإنما انحيازها كان واضحا للشعب الفلسطينى وللمقاومة فى غزة. على صعيد الكيان الصهيونى فإن ما جرى فى غزة كان اختبارا أو بروفة لحرب يجرى الإعداد لها فى المنطقة، وأرادت إسرائيل أن تختبر قدرتها على مواجهة الصواريخ التى ستكون الأداة الأهم فى حروب المنطقة من خلال ما يعرف بالقبة الصاروخية التى اعترضت العديد من الصواريخ، بيد أن أغلبها استطاع النفاذ منها وهو ما يشير إلى فشلها حتى الآن.

فى النهاية لابد من حدوث هدنة بعد أن قرأ الطرفان ما لدى كل منهما من مصادر قوة وضعف، بيد أن المقاومة وقادتها فى اجتماعاتهم بالقاهرة مع رئيس المخابرات المصرية أكدوا أنهم لن يهرولوا إلى الهدنة وأنهم صامدون ومستعدون لكل الاحتمالات، وفى الهدنة التى استطاعت مصر أن تنجزها بالفعل فإن أحد الشروط التى تضمنتها كان طلبا للمقاومة، وهو فك الحصار، وفتح المعابر للشعب الفلسطينى فى غزة. فقد تضمن بروتوكول الاتفاق الذى توصلت إليه مصر بين الجانب الفلسطينى والإسرائيلى وقف الأعمال العدوانية من جانب الطرفين، ثم فتح المعابر، وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، وعدم تقييد حركة السكان، وهذا يعد إنجازا للمقاومة ففد كانت غزة واقعة تحت الحصار، وهو عمل بشع عمل العالم ومناضلوه على وقفه انتصاراً للحرية والإنسان، ولكن قوة الاحتلال كانت تقف دونه بالمرصاد.

على الجانب المصرى والأمريكى، فإن مصر بدت كما تصورتها الولايات المتحدة الأمريكية قوة محافظة على الاستقرار الإقليمى فى المنطقة، ومن اللحظة الأولى وقت زيارة رئيس الوزراء المصرى إلى غزة، فإن البحث عن تهدئة كان أحد أهم خيارات الرئيس المصرى، فرغم العلاقة التى تربط حماس بالنظام المصرى باعتبارهما ينتميان إلى الإخوان المسلمين، فإن حقائق السياسات العليا فى الإقليم تغلبت فى النهاية، استفادت مصر من علاقة النظامين فى رعاية الاتفاق والوصول للتهدئة، ولم تذهب فى مبالغتها إلى حد الانسياق العاطفى إلى مستويات أكثر مما تتيحه ظروفها الداخلية والوضع الإقليمى والسعى لاستمرار مصر كراعى إقليمى للعلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية بما يحفظ للمنطقة استقرارها. على الصعيد الأمريكى فإن الرئيس الأمريكى أعلن انحيازه المطلق والصلب للجانب الصهيونى، لكنه فى نفس الوقت لا يريد أن ترهقه مشاكل الإقليم ففوض مصر فى الحركة الدبلوماسية لعمل المطلوب، وفى اللحظات الأخيرة جاءت عميدة الدبلوماسية الأمريكية لتكون قريبة من إنجاز التهدئة، وهو شىء لم يحدث من قبل، ومن ثم فقد ذلك دعما للجهود المصرية وضغطا على نتنياهو للموافقة على الطرح المصرى، وإلغاء خطط الغزو البرى التى كانت مستبعدة فى ظل خسائر هائلة كانت تنتظر الجيش الصهيونى.

العالم كله كان ينتظر وقف العدوان على غزة، رغم أنه كان منحازا للمعتدى، فمجلس الأمن والأمم المتحدة لم تصدر قرارا للإدانة، بيد أن مشاهد الدم المؤلمة تجاه المدنيين فى غزة كانت غير محتملة، جدلية غزة كانت الحرب أولا ثم السياسة، وجدلية مصر السياسة أولا ثم الحرب، وهو ما يعنى أن عالمنا العربى لا يزال يعيش فى جدل لم يستقر بعد، وهو ما يجب أن نكون مستعدين له هنا فى مصر بعد ثورات الربيع العربى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة