بدلا من الحديث عن زعزعة الاستقرار، يفترض الحديث عن زعزعة السياسة، واتساع الاستقطاب، وبدلا من الإشارة للمقاصد، يفترض أن تكون السياسات أكثر وضوحا، وبعد كل هذا الجدل والغضب والاستقطاب، من الصعب تصور أن يبقى الرئيس مرسى مصرا على أن يتحدث لأنصاره، وأن يتمسك بالإعلان الدستورى، وعليه أن يبدو رئيسا للمصريين، وليس لفصيل أو جماعة، ولسان حاله يقول للمعارضين والمعترضين والمنسحبين والمتظاهرين «خليهم يتسلوا».
خلال الأيام التى تلت القرارات بدت القوى المعارضة المختلفة رافضة للإعلان، لكن أنصار الرئيس، اتهموا من يعارضون القرارات بأنهم يتحالفون مع الفلول، وبدا اتهام الفلول مضحكا، وهو يوجه إلى من كانوا فى مقدمة معارضى مبارك، بل إن من كانوا يرفضون تدخل مبارك فى السلطة القضائية، أصبحوا يرحبون بتعطيل مرسى لهذه السلطة.
وتجاوز الأمر الخلاف السياسى، إلى الاتهام بالتآمر على الرئيس والنظام، وبدا أن السلطة تستخدم اتهامات وتحليلات، كان نظام مبارك يستخدمها، وكان أنصار الرئيس يرفضونها، فقد اتهم بعض مستشارى الرئيس المعارضين بأنهم يسعون لزعزعة الاستقرار، وتوالت بلاغات محامين بالجماعة ضد حسام عيسى، والبرادعى، وحمدين وغيرهم، واتهامهم بمحاولة قلب نظام الحكم، وإشاعة الفوضى.
الاستقطاب بدأ من الرئيس عندما أصدر الإعلان من دون استشارة، ولا حتى مستشاريه وفريقه الرئاسى، وبدا المستشارون حائرون وهم يدافعون عن قرارات لايقتنعون بها، وحتى وزير العدل أعلن تحفظه على التحصينات والإعلان، وقال «أتحفظ على الإعلان الدستورى، وأوافق على مقاصده»، بما يعنى أن وزير العدل المستشار أحمد مكى لم يستشر، المستشار مكى ينتمى إلى تيار الاستقلال الذى كان يرفض تدخلات السلطة التنفيذية فى القضاء، وهو أمام اختبار صعب منذ توليه منصبه وانتقاله من المعارضة إلى السلطة، ومثله شقيقه المستشار محمود مكى نائب الرئيس الذى غاب عن الأزمة، وكان المتوقع أن يساهما من البداية فى التقريب بين الأطراف فى التأسيسية وغيرها، وهو دور سياسى يبدو أنه هو مايقود لزعزعة السياسة، وخلق الاستقطاب، لأن الاتهام بقلب نظام الحكم وزعزعة الاستقرار، اتهامات كانت مضحكة، وستبقى كذلك طالما لم يقدم عليها دليل.
الاتهامات بالزعزعة، جاءت من الرئيس مرسى عندما خرج يوم الجمعة ليتحدث إلى أنصاره فقط، بينما كان هناك معارضون يرفعون مطالب ترفض الإعلان، والتحصينات والتسلط فى الإعلان، وأشار الرئيس إلى أربعة يتـآمرون فى حارة ضيقة، وبدا كأنه يستند إلى تسجيلات أو تقارير أمنية، وبالرغم من مرور أيام لم يقدم الرئيس أو السلطات أى اتهام أو دليل، بما يشير إلى أنه لايملك دليلا، أو أنه يستند إلى عمليات تجسس غير قانونية على المعارضين، ولو كان هناك من يخطط لأعمال إرهابية، فليس هناك حاجة لأن يخرج الرئيس متحدثا وغامزا ولامزا، بل هذا دور أجهزة الأمن، أن تقبض عليهم وتحيلهم للنيابة، لأن الكلام عن الزعزعة، بلا دليل، هو فى حد ذاته زعزعة، والأخطر هو زعزعة الاستقرار السياسى، بقسمة المواطنين، «العدل لايحتاج لقوانين استثنائية، والنزاهة لاتحتاج الى تحصين، وأسوأ الحكام هم من يتحججون بالحرية ليقتلوا الحريات».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة