أقل ما يوصف به البيان المقتضب والمختزل الذى ألقاه ياسر على المتحدث باسم رئاسة الجمهورية عقب لقاء الرئيس مرسى بأعضاء مجلس القضاء الأعلى بأنه بيان بروتوكولى فقير لم يتمخض عن شىء ولم يأت بجديد بل زاد حدة الاحتقان السياسى والشعبى وجاء من باب فض المجالس بكلمات مرتبكة لم تعكس حقيقة ما دار فى الاجتماع. وكما هى العادة فى صياغة القرارات والبيانات الرئاسية تذكر الشىء ونقيضه والقرار وعكسه فى آن واحد. ياسر على خرج على الصحفيين ليقول إن الرئيس حريص على استقلال القضاء وإن تحصين قرارات الرئيس يتعلق بالأمور «السيادية»، ولم يحدد ما هى تلك السيادية على وجه الدقة.
البيان البروتوكولى بدأ توافقيا فى كلماته وانتهى غير توافقى بالمرة عندما رد الدكتور ياسر على لحظة مغادرته على الصحفيين وبلغة جازمة وحاسمة بأن لا تعديلات على «الإعلان الدستورى»، بما كان يعنى ضمنيا أنه بالفعل لم يحدث توافق ولا يحزنون بين الرئيس ومجلس القضاء الأعلى. وهذا ما أكده المستشار محمد ممتاز متولى رئيس مجلس القضاء الأعلى الذى اعتبر أن ما صدر عن الرئاسة من قبول أو حتى رفض غير صحيح ومرفوض تماما وأن البيانات الصادرة من المجلس الأعلى للقضاء هى التى تعبر عنه.
بيان الرئاسة إذن زاد من تعقيد الأزمة بعد إعلان الدكتور ياسر على بأن البيان الذى نشرته رئاسة الجمهورية حول ما تم فى لقاء الرئيس بالمجلس موقع بالإجماع من كامل أعضاء المجلس بالمشاركة مع رئيس الجمهورية، وهو ما نفاه أيضا المستشار محمد ممتاز متولى.
لا نريد الحكم على فشل أو نجاح اللقاء وسط اضطراب وارتباك مؤسسة الرئاسة فى إدارة شؤون البلاد، ولكن نحكم على أداء تلك المؤسسة وطريقة إخراجها السيئ للقرارات والبيانات التى بات يقينا لدى أكثرية فى الرأى العام أنها تدار من خارجها، وإلا فما تفسير التصريحات المستفزة من قيادات جماعة الإخوان وحزبها وبعض مستشارى السوء بأن الرئيس لن يتراجع عن قراراته وأن تراجعه بمثابة الكارثة، حتى إن محافظ كفر الشيخ الإخوانى ترك كل هموم ومشاكل المحافظة المنكوبة دائما وأدلى بدلوه هو الآخر وقطع وجزم بأن الرئيس لن يتراجع واعتبر أن القضاة الذين أشرفوا على انتخابات نجح فيها الإخوان والرئيس مرسى هم «قضاة مبارك» وأن مظاهرات القوى الثورية والمدنية «مؤامرة ومخططة».
الأزمة مستمرة طالما العناد وتوريط الرئيس مستمر، ولا بد أن نستفيد من درس النظام السابق الذى تأخر فى الاستجابة لمطالب الشعب.