قلت لك من قبل إننا أساتذة فى النسيان، ويحمل كل منا سواء كان رئيسا للجمهورية أو لحزب سياسى أو لحركة ثورية أو مواطنا عاديا درجة الأستاذية فى التمثيل.. هل تريد على ذلك دليلا؟! تعال شوف..
صباح السبت 17 نوفمبر استيقظت مصر على بكاء وصراخ ولعنات وغضب ودموع وحزن بسبب حادث قطار منفلوط، الذى راح ضحيته 50 طفلا مصريا، تحولوا فجأة إلى أشلاء، واختلطت دماؤهم ولحومهم الطاهرة بتراب الأرض وحقائبهم المدرسية، بسبب إهمال واضح وصارخ من حكومة هشام قنديل، ممثلا فى وزارة النقل التى تركت المزلقانات أفخاخا للموت، ووزارة التربية والتعليم التى لاتراقب أتوبيسات المدارس وصلاحيتها وحمولتها وطبيعة سائقيها، ووزارة الداخلية التى تركت أجهزتها المرورية أتوبيسا حمولته 72 طفلا رغم أن حمولته الأصلية لا تزيد على 30، يسير فى الشوارع دون توقيف أو مساءلة.
قبل 9 أيام من الآن سالت الدماء على المزلقان، وصرخ الجميع وانتفض السياسيون، وعلت المطالب برحيل الحكومة، وطرد الأهالى رئيس الوزراء من مستشفى أسيوط الذى اكتشفنا فجأة، أنه بلا أسرة، ولا أجهزة، ولا أدوية، ولا أطباء، وتاجر من تاجر بدماء الأطفال، وقدم العزاء من قدم، وبكى من بكى، ثم انفض المولد، وترك الجميع الأهالى يحتضنون أحزانهم وانهياراتهم العصبية التى دفعت ببعضهم إلى مستشفيات الأمراض العقلية.. أين ذهب كل الغضب السياسى؟، أين ذهبت دموع التماسيح التى سقطت أمام كاميرات التليفزيون؟، لماذا لم يعلن الرئيس تحمله لتلك المسؤولية، ويقدم نفسه للمحاكمة كما طالب هو بنفسه حينما كان نائبا فى البرلمان؟.. أين الحزن والدموع والغضب.. لا شئ، تحول الحادث إلى مشهد من فيلم قديم أبكى الجميع، ثم انتهى مع أول فاصل إعلانى، مثلما حدث مع شهداء 25 يناير الذين لم نعرف لهم حقا حتى الآن وشهداء محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو والجنود المصريين الـ16 الذين قتلوا غدرا على الحدود.. لا تبكِ على جابر ولا على إسلام مسعود، لأن بكاءك سواء كنت إخوانيا أو ليبراليا أو سلفيا أصبح واضحا أنه نوع من التجارة بدماء لن تأتى لها بحقوقها ولن تقتص لها، لأن من تجاهل وتخاذل فى أن يحقق القصاص العادل لدماء من استشهدوا من أجل حريته قبل عامين من الآن، لن يفعلها مع شهداء سقطوا على الأرض منذ ساعات..
ياسيادة الرئيس لا تعد بما لا تستطيع أن تفى به، لا تصدر بيانات أو إعلانات دستورية تتحدث عن إعادة المحاكمات، ثم تتبع إعلانك الدستورى بتفسير يقول بأنه لا إعادة للمحاكمات إلا فى حالة ظهور أدلة جديدة، والأدلة كما نعرف عند وزارة الداخلية وأجهزة المخابرات، وإذا كنت فشلت فى أن تخرج بما لديهم من أدلة خلال الشهور الماضية، فمن المؤكد أنك لن تفعل فى أيام، وإن فعلت فسيبقى الأمر خاضعا لما تريد أن تحققه من مكاسب.
ياأهل الأحزاب المدنية والحركات الثورية، ويا أهل جماعة الإخوان، لاتكذبوا وتقسموا على القصاص لجابر أو إسلام، لأنكم لم تفعلوا ذلك لكريم بنونة، أو أحمد بسيونى، أو شهداء موقعة الجمل أو بورسعيد..
اتركوا شهداء هذا الوطن ينعمون بجنان ربهم، وكفاكم تعذيبا لهم بتجارتكم الرخيصة، التى جعلت من دمائهم سلعة تمنح بعضكم المزيد من السلطة والنفوذ، والبعض الآخر المزيد من الشهرة والتواجد، وبعضكم الآخر المزيد من الأموال فى الجيوب.. اتركوهم واذهبوا لارتداء تلك الطرح التى وعدتم بوضعها على رؤوسكم إن صحت كلمات مبارك، حينما هددكم بالفوضى من بعده!!
حقيقة مطلقة:
يقول الإمام محمد عبده: «لا صلاح فى الاستبداد بالرأى، وإن خلصت النيات».. هذا ملخص الرد على الإعلان الدستورى الذى أصدره محمد مرسى قبل أيام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة