جموع الشعب التى احتشدت فى ميدان التحرير وفى باقى محافظات مصر احتجاجا على الديكتاتورية والاستبداد، ومحاولة سرقة الثورة من جماعة بمرشدها ورئيسها، كانت رسالة قوية، وواضحة، وصدمة، وصفعة سياسية مدوية على وجه النظام الحاكم الجديد، الذى تصور واهما أنه استولى على الوطن، وتمكن منه بغرور زائف لقوة لا ظل لها على الأرض، وهى القوة التى أطاح بها مشهد ميدان التحرير وباقى ميادين مصر يوم الثلاثاء الماضى.
الرسالة كانت جلية وناصعة بأن الشعب هو الأغلبية، وأنه فوق كل السلطات، وبينت أن الجماعة المغرورة ما هى إلا أقلية محصورة ومحظورة ومنبوذة بأفعالها وممارساتها وتصريحات قادتها الاستفزازية. وأن هذه الثورة لن يتركها الشعب لاستبداد رئيس، ظن أنه يحكم كيفما شاء بلا حسيب أو رقيب، وأن أصبح بقراراته فوق إرادة الجموع الغاضبة مهما فعلت، ومهما ثارت عليه، وهو الذى قال قبل انتخابه، إن من حق الشعب أن يثور عليه إذا أخطأ، وأن عليه أن يقوّمه إذا حاد عن الطريق الصحيح لأهداف الثورة.
فهل وصلت الرسالة؟ أم أن العناد والتكبر عن التراجع استجابة لإرادة الشعب ومن أجل مصلحة الوطن الذى يتعرض للانقسام والاحتراب، مازال ساكنا فى قصر الرئاسة، وفى عقل من يسكنه.. مثلما كان الحال مع النظام السابق؟
الرئيس وجماعته ومرشده، عليهم أن يعوا درس النظام السابق، ويستوعبوا مشهد الميدان، وأن يهبطوا من عليائهم وغرورهم وكبريائهم وأوهامهم قبل أن تزيحهم أمواج الثورة الهادرة للشعب بكل فئاته وأطيافه، وفى المقدمة قضاة مصر العظام الشرفاء الذين أثبتوا أنهم حصن الحرية والعدالة للشعب للثائر ضد الديكتاتور، وأنهم أبدا لن يناصروا الباطل فى وجه الحق، ولن ينحازوا إلا للشعب، أما من صاغ قرارات الديكتاتور وشاركوا فيها وصمتوا عنها.. فالحكم عليهم نتركه للتاريخ وحده.
لم يعد أمام الرئيس سوى طريق واحد فقط للخروج من مأزقه والنجاة من مصير سلفه، وهو التراجع عن العناد ضد إرادة الشعب ولا يسير فى ذات الطريق الذى أودى بمبارك ونظامه وحزبه إلى الهاوية والسجن.
لن تنفعه جماعته التى لا تمتلك سوى إرادة الفشل والغباء السياسى. وعليه أن يستوعب درس التاريخ سريعا جدا قبل فوات الأوان، فالثورة فى الميدان ولن يتركها الشعب له أو لجماعته أبدا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة