الإعلامى الناجح يكتسب قيمته من فكرته ومن مذاكرته ومن بساطته، ومن قدرته على قول «لا» فى موضعها وزمنها، وقدرته على الاستغناء مهما كانت المغريات، وفى سجلنا الإعلامى أسماء بقامة حمدى قنديل تمثلت فيه هذه الصفات، ففى الوقت الذى كانت فيه برامجه تسجل ناجحا باهرا وجماهيرية واسعة، كان يحدث الانقطاع المفاجئ لرفضه المناطق الرمادية فى رسالته الإعلامية.
أقول ذلك بمناسبة استقالة الإعلامية اللامعة هالة سرحان من عملها فى قناة روتانا، وتركها برنامجها الناجح «ناس بوك»، بعد أن استمرت فى تقديمه عاما ونصف العام، وجعلته واحدا من أهم برامج «التوك شو» على الفضائيات العربية.
كفاءة هالة سرحان المعروفة ليست محل تذكير، وإنما ما يستحق الذكر هنا هو المناخ السياسى العام الذى أدارت فيه برنامجها، ووضعها فى صعوبات هائلة، أدت الى فتح حرب إعلامية وإلكترونية سخيفة ضدها بلا هوادة.
بعد فوز جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفى بالانتخابات البرلمانية كانت هناك رسالة إعلامية يتم تجهيزها تماشيا مع هذا الفوز، ولما فاز الدكتور محمد مرسى بانتخابات رئاسة الجمهورية، حاولت هذه «الرسالة» أن تتربع على الفضائيات، وبعض هذه الفضائيات إما سلمت «النمر» لمسايرة الركب الجديد، وإما اختارت «المنطقة الرمادية»، والإعلام الصادق يبقى على عهد ما بدأ مع تطوير أدائه، حتى لا يرميه المشاهد بتهمة «التلون» فينصرف عنه سريعا.
وبتطبيق هذه المعايير على ما قدمته هالة سرحان فى برنامجها، ستجد أنها واصلت ما بدأته، فهى لم تختر منطقة «كله تمام» فى تعاملها مع مستجدات الواقع السياسى بعد فوز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية، أى لم تهلل لكل فعل يأتى من الرئاسة الجديدة، باستضافة كل من يصفقون، وإنما كانت تعطى المساحة لكل الأطياف السياسية حتى يدلوا بدلوهم، وعلى المشاهد أن يحدد موقفه بعد ذلك، كما أنها لم تختر المنطقة «الرمادية» التى تبعث على الحيرة أولا، ثم تنقلب على تابعها ثانيا.
عدم تسليم الإعلامى بمنطقتى «كله تمام» و«الرمادية»، قد يفتح عليه باب جهنم، وهو ما حدث مع هالة سرحان، فالساهرون على تكميم الأفواه جعلوها موضع حملاتهم السخيفة، لكنها مع ذلك واصلت رسالتها بقول «لا» كلما كان الوضع يستحق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة