فى شهر مايو الماضى أى منذ حوالى 5 شهور، قال الرئيس الدكتور محمد مرسى للإعلامى خيرى رمضان فى برنامج مصر تنتخب على محطة «سى بى سى»، أنه سينزل كل جمعة للصلاة فى مساجد أحياء الفقراء والعشوائيات، مرتدياً الجلابية ودون أى حراسة متكلفة، أو مرهقة، تباعد بينه وبين الناس، لأن الأصل فى تحركاته هو الاحتكاك بالناس ومعرفة مشاكلهم..
صدق الدكتور مرسى، ومنذ دخل إلى قصر الرئاسة وهو حريص على أداء صلاة الجمعة فى المساجد بالقاهرة والمحافظات، ولكنه لم يصليها قط، كما وعد داخل مسجد بحى شعبى أو دون حراسة، بل على العكس تماماً تشهد المساجد التى يصلى بها كردونا أمنيا يمنع الناس - رواد المساجد الحقيقيين - من الصلاة ويصيب من نجح فى الدخول إلى المسجد بضيق الإجراءات الأمنية، ويحول الساعات الربانية إلى ساعات ترقب وزحام، كما أن كل الصور والفيديوهات التى يتم نشرها على رحلات الرئيس لأداء صلاة الجمعة، يظهر بها الحرس الخاص وهم محرومون من أداء الصلاة، بشكل لم يخبرنا أهل إطلاق الفتاوى بمدى حرمانيته فى الإسلام، أو إن كان يستحق معاتبة الرئيس أو تحميله ذنب عدم أداء هؤلاء الجنود للصلاة جماعة، مثلما اعتادوا الهجوم على الليبراليين أو المثقفين وتكفيرهم، كلما اقترب أحدهم من الحديث عن الإسلام، دون أن يمنع أحد من أداء فرائضه مثلما يفعل الرئيس.
أنا لست ضد رحلات الرئيس للمساجد كل جمعة، ولست ضد أن يحمى الرئيس نفسه بآلاف الجنود، ولكن أنا ضد الكذب، ضد هؤلاء الرجال الذين يقولون الأشياء ويفعلون عكسها، ضد هؤلاء الذين يقدمون الوعود للناس على أطباق من فضة وحينما يأتى وقت التنفيذ، تتحول أذنهم إلى واحدة من عجين وأخرى من طين؟، أنا ضد الأشخاص الذين يهوون التمثيل وصناعة الشو الاستعراضى بفتح صدورهم وإبعاد الحراس فى خطبة الميدان، ثم الارتماء فى أحضان الفكرة الأمنية والسير والصلاة وسط الحراسات الخاصة، وكأن نوعا ما من أنواع الخوف والجبن أصابهم فجأة، أو بمعنى أدق منحتهم السلطة خوفاً عليها وعلى حلاوتها، والعيش فى رغدها، فأصبح تمسكهم بالحياة والخوف من فراقها، أقوى وأعمق بشكل أعماهم عن وعودهم السابقة..
أنا ضد الرئيس الذى اعتاد وقت الانتخابات وفى خطاباته الأولى أن يصدر لنا نفسه كشجيع للسيما، وبطل مغوار، وحينما جاء وقت الاختبار الحقيقى، تحول إلى نسخة من سابقيه يحتمى بنفس حراسهم، ويسير فى نفس مواكبهم، ويتحرك إلى مجرد رقم كودى تتحرك خلفه أطقم الحراسة، لمنعه عن الناس الذى قال يوما ما أنه سيسير بينهم..
مالذى حدث للرئيس محمد مرسى؟ وهل هو معتاد على مخالفة وعوده؟، لا أعرف ولكن كل ما أعرفه، وكل ما أريد قوله، لخصه الشيخ الأزهرى الشاب «أنس السلطان» فى الكلمات التالية: (أتوجه بالتاكسى لخطبة الجمعة، وإذ بى أسمع الراديو ومذيع إذاعة القرآن الكريم يقول: الآن وصل السيد رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، انظروا أيها الناس إلى عظمة هذا الدين، كيف أن صاحب أعلى منصب فى البلاد، يصلى بين الناس كأى مواطن عادى!! ساعتها انفعل السائق، وأغلق الراديو قائلاً: يا سلام!! أمال هيصلى إزاى يعنى لو مش هيصلى كأى مواطن عادى؟!!
ثم التفت إلى قائلاً: يا عم الشيخ أنا باكره النفاق زى عنيا، والناس دى ميعرفوش يعيشوا من غير نفاق!!! إلى السيد رئيس الجمهورية حفظه الله ورعاه وسدد خطاه: لو رأى الناس منك موقفاً حازماً فى وجه النفاق لما نافقوك، ألا تعلم أن مثل هذا الكلام يخصم من رصيدك كثيراً ولا يضيف؟، ألا تعلم أن مئات جنود وضباط الأمن المركزى والحرس الجمهورى لا يصلون الجمعة كما تصليها أنت، وإنما يقفون فى الشمس يحرسونك؟، أليست الصلاة واجبة عليهم كما هى واجبة عليك؟
سيادة الرئيس.. عندى طلب إذا سمحت.. صل الجمعة فى أى مكان تشاء (لا بأس أن تصلى فى القصر أو فى مبنى المحافظة عندما تتوجه لزيارة إحدى المحافظات) صلِ فى أى مكان ويصلى من حولك الجنود والضباط، ثم إن أردتَ أن تتواصل مع الناس فلتتفضل مشكوراً بعقد مؤتمر شعبى، تتحدث فيه إليهم بعد صلاة العصر أو المغرب أو العشاء واترك الجمعة للناس).
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة