فى أواخر سنوات حكم الرئيس الراحل أنور السادات وفى خريف غضبه توترت العلاقة بينه وبين القوى السياسية المعارضة والحركة الطلابية فى الجامعات المصرية فأطلق مقولته الشهيرة فى إحدى خطبه بمجلس الشعب «الديمقراطية لها أنياب أشرس من الديكتاتورية» فى تهديد صريح لخصومه السياسيين والمعارضين لسياساته الذين تحدوا مفهومه الخاص عن الديمقراطية التى لا تؤمن بالرأى الآخر. غضب السادات على المعارضة جاء فى السنوات الأخيرة وكانت نتيجته تراجعا فى الحريات السياسية والإعلامية التى وعد بها وزج بحوالى 1540 من الرموز الوطنية والسياسية والفكرية إلى السجن فى سبتمبر 81، أى قبل اغتيال السادات بأقل من شهر.
التهديد والوعيد والتلويح بالقمع والضرب بيد من حديد من الرئيس أو السلطة الحاكمة ضد من يعتبرهم خصوما يهددون مسيرة الوطن نهايتها دائماً كما تذكر وقائع التاريخ البعيد والقريب ليست فى صالح الحاكم الذى يفقد أعصابه سريعاً ويحتمى بالقوة والأمن بعيداً عن الشعب ظنا منه أنه أصبح يمتلك القوة التى تمكنه من السلطة والحكم.
وأظن أن استخدام خطاب التهديد والتحذير بالقوة وبـ«التسجيلات» ضد الخصوم الذى ألقاه الرئيس مرسى عقب صلاة الجمعة فى أسيوط لا يصب فى مصلحة أحد فى هذه المرحلة الصعبة التى تستوجب المصالحة الوطنية ولم الشمل بدلا من تجذير حالة الانقسام السياسى والاجتماعى التى سادت المجتمع أثناء جولة الإعادة للرئاسة وتحققت فى نتيجة الانتخابات. فالخطاب أثار المخاوف من طبيعة المرحلة السياسية المقبلة والنكوص عن الوعود وتحقيق أهداف 25 يناير فى الحرية والديمقراطية، لأن الرئيس يهدد الخصوم أياً كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم بتسجيلات لجهاز أمن الدولة السابق والتى بالتأكيد تحتوى على تسجيلات لقيادات الإخوان وكوادرهم ومنهم بالطبع الدكتور مرسى نفسه فى زمن الرئيس السابق. هذه اللغة فى الخطاب بداية مبكرة للغاية لخريف غضب رئاسى لا نتمناه فالرئيس لم تمر عليه سوى شهور وجاء بعد ثورة شعبية أزاحت نظاما مستبدا استخدم التسجيلات ولم يجهر بها. ولا نعرف أية تسجيلات كاشفة لمن كان ضد الثورة ومن كان معها ومن بكى ومن لم يبكِ ومن المقصود فى تأكيده على الضرب بيد من حديد. فالتنقيب والتفتيش فى تسجيلات الخصوم يعطى الحق أيضاً لهم فى إظهار من كان يعقد الصفقات مع الحزب الوطنى ومن كان يعتبر قياداته فى انتخابات 2010 رموزا وطنية. أعتقد أن كل كلمة محسوبة على الرئيس وهو يعى ما يقوله عقب كل خطبة جمعة والوضع لا يحتمل مزيداً من التوتر لأنه مشتعل بطبيعة الحال.