د. محمد شومان

نصف حكومة و1800 لتر بنزين

الأحد، 04 نوفمبر 2012 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس لدينا حكومة حقيقية مؤثرة فى الأحداث، وإنما شبه حكومة، وشبه رئيس وزراء وشبه وزراء، يعملون لساعات طويلة، لكن عملهم لا طائل منه، فقد غابت عنهم الرؤية والأولويات العامة التى تقود وتضبط الإيقاع فى مرحلة تغير ثورى يحتاجها الوطن.. هم تكنوقراط بامتياز، وفلول، حيث تربى بعضهم فى أروقة الحزب الوطنى، لكنهم محدودو الكفاءة، مقارنة بوزراء المخلوع الذين كان أغلبهم تكنوقراط شاطرين وفاسدين.

شبه الوزارة التى تقود البلد اختارها الرئيس مرسى من خارج جماعته حتى لا يتحمل الإخوان المسؤولية المباشرة عن فشل الوزارة الذى ظهر سريعاً، ودفع بعض الإخوان لمعارضتها، طبعا المعارضة كانت حقيقية أحياناً، ونوعا من التمثيل الهزلى فى أحيان أخرى، لأن الرئيس بإمكانه أن يغير بعض الوزراء أو يغير الوزارة كلها، ولا ننسى هنا أنه أقال وزير الدفاع وجاء بوزير جديد، وبالتالى لابد من إعادة النظر فى تقييم أداء شبه الوزارة لأنها مظلومة ومجنى عليها!

فالرئيس مرسى لم يحدد أولويات واضحة لوزارة قنديل، وليس لديه رؤية نهضوية محددة كما ادعى برنامجه. وبناء عليه وجد الفريق الوزارى البيروقراطى التكنوقراطى نفسه فى مأزق كبير، فلأول مرة فى حياة كل منهم الوظيفية أصبح مسؤولاً عن التفكير ووضع تصورات وتحديد أولويات، وهذه أمور لا تسعها عقولهم!، ومن ثم بدأت سلسلة التصريحات المتضاربة والقرارات المأساوية والانتقالات غير المبررة بين أولويات متعارضة، علاوة على إهمال أو تهميش الأولويات الحقيقية للشعب والثورة، والتصدى لقضايا فرعية تشغل العقل البيروقراطى وتؤرقه، مثل الإكثار من الزيارات الميدانية التى لا طائل منها سوى الظهور الإعلامى، أو افتتاح مشروعات قديمة، علاوة على تقليد الرئيس مرسى فى كثرة السفر للخارج.

والعقلية البيروقراطية «الخيبة» تتحرك بغشومية وقلة خبرة وبطرق ساذجة، فتعلن الوزارة عن حوار مجتمعى، بدأ حواراً سرياً، وكانت أغلبية المشاركين فيه من الفلول والتكنوقراط، أما الثوار فهم القلة المندسة!. وانتهى الحوار دون أن يتابعه أو يهتم بنتائجه الرأى العام لأنه كان حوارا احتفالياً هزلياً! بعدها أعلنت نصف الوزارة أنها انتهت من إعداد خطة العام المالى الحالى والقادم، كما وضعت خطة إستراتيجية لعشر سنوات قادمة، من دون حوار مع القوى السياسية، وفى غياب الدستور الذى يحدد الهوية السياسية والاقتصادية للدولة.. ولأنها شبه وزارة فليس لها قرارات إنما أشباه قرارات تتسم بالغموض وعدم الوضوح والافتقار إلى الوسائل والتوقيتات، تماماً كخطابات الرئيس مرسى، وبالتالى لا يمكن تنفيذها، ولا تجد مبررات معقولة لقبولها، مثل قرار إغلاق المحال التجارية فى العاشرة من دون أن يسبق ذلك استطلاع لآراء الناس أو الغرف التجارية أو حتى التمهيد لإقناع أغلبية المواطنين بأهمية هذا القرار.. لذلك من الصعب تنفيذ هذا القرار الذى يغير من نمط حياة المصريين.

أخيراً ربما كان الأخطر والأهم تخبط شبه الحكومة فى التعامل مع صندوق النقد، فهى كعادة حكومات المخلوع تقسم بالله ليل نهار أن قرض الصندوق بلا شروط، وأنه لا مساس بالدعم أو بخفض الجنيه مقابل الدولار، لكنها بعد كل حلفان تقول: لابد من ترك الجنيه للعرض والطلب، ما يعنى التعويم والخفض، لأن صادراتنا أقل كثيراً من كل وارداتنا. ولابد أيضا، والكلام لنصف الحكومة، من ترشيد الدعم، وهو العنوان الحركى لخفض الدعم. فى هذا السياق تم الإعلان عن اتفاق الوزارة، بعد بحث وتفكير، على صرف كوبونات بـ1800 لتر بنزين مدعوم لكل أسرة سنوياً، بمعدل أقل من 5 لترات يوميا، وهى كمية لا تكفى لاحتياجات أسرة قاهرية صغيرة من الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى، ومع ذلك لم يعرف أحد متى يطبق هذا القرار وكيف؟، وهل سيحصل من ليس لديه سيارة على مقابل نقدى بقيمة الـ1800 لتر بنزين المدعوم أم أن عليه أولا أن يشترى سيارة!.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة