حينما واجهنا مبارك بعصى الأمن المركزى قلنا إنه مستبد وظالم، فماذا نقول الآن فى واقعة إطلاق الكلاب البوليسية على صيادى البرلس تحت مسمع ومرأى من السيد المحافظ الإخوانى سعد الحسينى؟
لا يختلف الحسينى عن «الكتالوج» الإخوانى فى شىء، غير أنه دائما ما يفعل ما يستوجب الانتباه، فسيرا على العرف الإخوانى حرص السيد المحافظ فى أول عهده على اتباع سير الخلفاء الراشدين بتفقد الرعية ليلا، فحمل السيد المحافظ سكرتاريته وأعضاء مكتبه الإعلامى المدججين بالكاميرات ليلتقطوا له صورة بالجلابية- شوف البساطة يا أخى- وهو يتفقد أحد المستشفيات، ثم طلع السيد المحافظ علينا بتصريح نورانى يقول فيه إنه لم يأت محافظا إلا لنشر الدعوة إلى الله– شوف الإيمان يا أخى– ثم طلع السعد علينا من ثنيات الكلاب، فلم يجد السيد المحافظ إلا الكلاب ليفرق جموع الصيادين الذين يطالبون بحقوقهم متحججا بأنه قال انتخبو خمسة ليحدثونى ثم لم يتفقوا، وأن الكلاب التى فرقتهم كانت دون علمه وأنه أمر بالتحقيق فى تلك الواقعة.
ستقول جحافل المبرراتية: ماذا تريدون من الرجل، لقد أمر بفتح التحقيق وقال إنه لم يكن يعلم بالواقعة، لكنهم لا يعلمون أنه بهذه المقولة ينضمون إلى مبارك وزبانيته الذى أمر بالتحقيق فى قتل المتظاهرين وقال فى التحقيقات «معرفش مشوفتش مش فاكر» وقارن، إذا أحببت، بين مبارك الذى كان فى غفلة عما تذيعه فضائيات العالم، والمحافظ الذى كان فى غفلة عما يحدث أمام عينه لتتأكد حقا أننا نجونا من فوهة بئر لنقع فى فوهة بركان.
حينما كان المثقفون يعترضون على حكم الإخوان ويقولون إنهم سيرجعوننا إلى الوراء كان الإخوان يسخرون من هذه المقولة مفترضين أنهم الشرفاء الأنقياء الأتقياء، زاعمين كذبا أن «الوراء» الذى يخشى منه «العلمانيون اليساريون الاشتراكيون الفوضويون الملاحدة الكفرة» هو زمن عمر بن الخطاب، وأرجو من كتائب الإخوان صاحبة الأفواه القذرة أن تذكر لنا واقعة واحدة استخدم فيها الفاروق كلبا ليقمع معارضا أو يخرس صوتا.
يحفظ الإخوان عن ظهر قلب تلك المقولة «لو تعثرت بقرة فى أرض الفرات لسئل عنها عمر» ولسوء الحظ لم تسعفنى ذاكرتى ولم تتوصل معلوماتى إلى واقعة تعثر فيها رجل فى فم كلب كان بيد حارس من حراس عمر- إن وجدوا- فأى إسلام تحدثوننا عنه وأى تاريخ تريدون استعادته؟
أفتش فى ذاكرتى عن وقائع مشابهة لواقعة إطلاق الكلاب على صيادى كفر الشيخ فلا أجد لها شبيها إلا فى أفلام الرعب الأمريكية، ويبدو أن هذا المشهد هو ما أعجب به الإخوان من أفلام العالم المتقدم، فلا عجب بعد هذه الواقعة من أن نطالب شركات الأفلام الأمريكية بوضع إشارة تنبيه على هذه الأفلام تقول فيها إن الفيلم غير مناسب للأطفال والإخوان على حد سواء.
لا أعرف فى هذا السياق أيجدر السؤال عن سبب اصطحاب السيد المحافظ لقوات حرس الحدود فى جولاته أم لا، فعلى حد علمى فإن قوات حرس الحدود للحدود، أما أن يجرجر السيد المحافظ هذه القوات بصحبته فهذا ما لا أفهمه، اللهم إلا إذا كان الحسينى يعتبرنا أعداء من الدول المجاورة، أو أنه يعتبر أن وطنه هو جماعته، وما خارجها هم أعداء.
أفتش فى ذاكرتى مرة أخرى فيسعفنى مشهد قرأت عنه قديما، فقد كان الرومانيون يعذبون المسيحيين الأوائل ليرجعوهم عن دينهم بإطلاق الوحوش الضارية لتنهش فيهم، فهل يريد الإخوان بعد ثمانين سنة أن يغيروا اسمهم إلى «الإخوان الرومانيون» أم أننا حقا فى زمن الكلاب؟