لا تخف من تطبيق الشريعة، لأن الشريعة الإسلامية ليست مصدر خوف أو رعب أو خراب.. الإسلام وشريعته مصدر رحمة وسماحة وطالما قامت على تعاليمه دول وحضارات وعلوم.. ولكن خف كل الخوف حينما لا يقدم لك الداعون لتطبيق الشريعة مفهوما واضحا وتفصيليا لها..
لا تخف من الشريعة نفسها لأن دولة المدينة المنورة وإمبراطورية عمر بن الخطاب قامت وتوسعت استنادا لتعاليمها، ولكن خف بشدة من النوعيات البشرية التى تطالب بتطبيق الشريعة لأن بعض هؤلاء البشر رفعوا من قبل شعار الشريعة الإسلامية وسقطت على أيديهم بغداد والقدس والأندلس، وتلاشت الخلافة الإسلامية بسبب أفعالهم.
الكلام السابق مقدمة ضرورية تتزامن مع دعوات الحشد لمليونية تطبيق الشريعة الجمعة المقبل قبل أن أعود وأكرر عليك كلاما كتبته فى نفس المكان منذ عام على الأقل.. وأعود لنشره مرة أخرى تأكيدا على عدد من الثوابت والمفاهيم التى تنصر الشريعة الإسلامية، ولكن لا ينصرها أهل تيار الإسلام السياسى فى مصر..
دعنا نتفق منذ البداية على أن الكلام عن تيار الإسلام السياسى فى مصر لا يعنى بالضرورة الكلام عن الدين، لا تسقط فى ذلك الفخ الذى يهوى مشايخ السلف نصبه دائماً لكل منتقد أو صاحب وجهة نظر مختلف معهم، لكى يبدو الأمر فى النهاية أن المختلف معهم مختلف مع الدين.
التيار الدينى بمشتقاته قرر أن يدخل لعبة السياسة، وعليه أن يتحمل تبعات اختياره، فالشيوخ على المنابر لهم ولخطابهم الدينى، حتى إن اختلفنا معهم، كل الإجلال والاحترام، أما إذا جلسوا على مقاعد حزبية أو برلمانية أو سلطوية وتكلموا فى السياسة، فليس لهم سوى ما يحصل عليه أهل السياسة إن أخطأوا أو أصابوا.
ولأن التكرار أحيانا ما يقوم بتعليم الشطار، دعنا نقول مرة أخرى إن الأمر هنا لا علاقة له بالدين أو المنهج السلفى أو المنهج الإخوانى سواء اختلفنا أو اتفقنا معه، الأمر هنا يتعلق بتيار دينى قرر أن يخوض غمار اللعبة السياسية بكل تفاصيلها، فليعتقد أهل التيارات الدينية فى مصر ما يعتقدونه دينياً، ويقولون على المنابر ما يقولون، ولكن يجب عليهم أولاً أن يقدموا لهذا المجتمع ما يكفى من الضمانات التى تحميه من استخدامهم لسلاح الدين، وما يمكن ارتكابه تحت مظلته، لا نريد من التيار الإسلامى الذى يجلس أحد رجاله على كرسى رئاسة مصر سوى أن يكون بيننا وبينهم عهد لا ننقضه ولا ينقضونه، عهد واضح يضمن التكافؤ للمعركة السياسية، وينحى الدين جانباً عن معارك السياسة، ويضمن الأمان لهؤلاء الذين أفزعتهم تصريحات رموز التيارات الدينية بداية من الشيخ الحوينى، الذى قال بضرورة جلوس المرأة فى المنزل وفرض الحجاب، ومرورا بما قاله الشيخ شومان حول أن الليبرالية تعنى أن تخلع أمهاتنا الحجاب، أو ما قاله عبود الزمر عن وجوب دفع المسيحيين الجزية وعدم توليهم المناصب المهمة، وانتهاء بحديث الفلوطة والملتزمات والأخوات الذى أدلى به عاشق وضع اليد فى الوسط على طريقة نساء زمان القيادى الإخوانى صبحى صالح.
لا نريد من التيارات الإسلامية السياسية عراكاً حول الأفكار الدينية، ولا نريد لهم اختفاءً فى السجون كما حدث فى عصر مبارك، ولا نريد لهم بقاءً سرياً تحت الأرض، هم فصيل انتماؤه لهذا المجتمع واضح ومحسوم ببطاقة الرقم القومى وشهادات الميلاد، ومن حقه أن ينزل إلى الحقل السياسى، ولكن طبقاً لشروط وقوانين واضحة ومفهومة، ولذلك يبقى العهد الذى بيننا وبين أى تيار دينى قرر أن يشارك فى اللعبة السياسية، واضح التكوين والمعالم، ويتكون من نقاط أربع هى كالتالى:
1 - احترام الرأى الآخر ومبادئ الديمقراطية.
2 - احترام الحريات الشخصية وما يكفله القانون والدستور من حقوق.
3 - احترام العقائد الدينية والمذاهب الأخرى.
4 - احترام مبدأ تداول السلطة وإعلاء شأن صندوق الانتخاب.
النقاط الأربع واضحة، ومثلها مثل «بيرسيل» قادرة على تفتيت وإزالة أقسى بقع المخاوف فى نفوس المصريين، الالتزام بها يمنح هذا الوطن نهضة هو فى أمس الحاجة إليها، وتداولا سلميا للسلطة يضعه فى صفوف دول العالم المحترمة، أما نقضها فلن يمثل سوى دعوة جديدة للفوضى وتشويه قاس للإسلام ورجاله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة