زاد الإعلان الدستورى الجديد من حدة الانقسام الاجتماعى والاستقطاب السياسى ولم يحقق المرجو منه والمخطط له فى محاولة نزع فتيل الأزمة المشتعلة منذ إصدار إعلان الخميس المشؤوم 21 نوفمبر الماضى وما قبله من مطالب القوى السياسية والثورية من إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لإعداد دستور يتوافق عليه الجميع ولا تشوبه مواد معيبة تزيد من مخاوف قوى المجتمع المدنى.
أعرف أن جوقة وهيستيريا التأييد على نغمة أن الرئيس تراجع وألغى إعلان نوفمبر قد بدأت فى العزف المنظم على خلفية مؤتمرات وتصريحات التهديد والوعيد التى سبقت حوار القصر واتهام المعارضة بالإجرام والفساد كما قال الأخ المرشد العام، وإعلان أن كل الخيارات مفتوحة بما فيها «النفير العام» وحشد المليشيات، كما ألمح نائبه خيرت الشاطر، وأن الجماعة ستتصدى «لسيناريو الفوضى» على حد قول الدكتور محمد البلتاجى الذى لم يوضح بالطبع الأدوات والأسلحة التى سوف تستخدم فى معركة التصدى للسيناريو الذى يدور فى ذهنه، هل هى نفس الأسلحة التى تصدوا بها للمعتصمين والمتظاهرين أمام قصر الاتحادية يوم الأربعاء الدامى، أم هناك ما هو أكثر ترويعا وترهيبا؟
ما تمخض عنه الاجتماع هو مجرد تجميل للإعلان السابق مع الاستمرار فى القرارات المسبقة للرئيس وجماعته بإجراء الاستفتاء على نفس مواد الدستور التى يبدو أنها لم تكن محل نقاش فى الأساس من المجتمعين، فهل كانت هناك ضرورة لحشد المؤيدين والمناصرين فى اجتماع طال لأكثر من 10 ساعات لإجراء عملية تجميل فاشلة لإعلان باطل بقرارات متناقضة ومرتبكة، فوفقا للقواعد المستقرة قضائياً فإن إبطال أى قرار أو حكم يتبعه وقف ما يترتب عليه من آثار، لكن الإعلان الجديد الذى تلاه الدكتور سليم العوا أبقى الآثار المترتبة على إعلان نوفمبر، بما يعنى أن قرار إبعاد النائب العام السابق وتعيين النائب الجديد بعيداً عن المجلس الأعلى للقضاء يبقى كما هو، وأن تحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من الطعن عليها أمام القضاء، إضافة إلى ما نصت عليه المادة الرابعة من الإعلان الجديد من أن الإعلانات الدستورية، بما فيها هذا الإعلان، لا تقبل الطعن عليها أمام أية جهة قضائية، وتنقضى الدعاوى المرفوعة بهذا الشأن أمام جميع المحاكم.
كان من الممكن أن يخرج علينا الدكتور ياسر على بقرارات الرئيس الجديدة وبإصراره على إجراء الاستفتاء بنفس مواد الدستور بدلاً من ليلة السهر فى القصر حتى ما بعد منتصف الليل لتسويق وتلميع صورة الرئيس.