فى كثير من الأحوال تفوز بعض التيارات فى الانتخابات لضعف خصمها، وليس لقوتها، بينما تخسر بعض التيارات لضعفها، وليس لقوة خصمها.
نقول هذا بمناسبة ما تطرحه جماعة الإخوان وحلفاؤها وقولهم بأن المعارضة تمتلك أصواتا عالية وليست قادرة على الفوز فى الصناديق، والمفارقة أن بعض من يقولون ذلك كانوا يرفضون ديمقراطية الصناديق، وهم الآن يؤيدونها، من دون أن يقدموا برهانا على قوتهم، بل على ضعف خصومهم، ضمن فترة انتقالية مرتبكة، فضلا عن أنهم يعايرون تيارات ساندتهم رفضا لإعادة نظام مبارك، وليس تأييدا لهم.
وهناك بعض الصحة فى اتهام المعارضة بعدم القدرة على التحالف والحشد والتنظيم، واحتراف القدرات الانتخابية، مثلما أجادت جماعة الإخوان استخدام الأساليب الحزب الوطنى فى الحشد وشراء الأصوات، وألاعيب اللجان، وهى أمور ثابتة بالأدلة والقرائن فى انتخابات مجلس الشعب أو الرئاسة، فقد كانت جماعة الإخوان تفوز أيام الحزب الوطنى بالتصويت الانتقامى، حيث كان الناخبون يصوتون لخصوم الوطنى سواء الجماعة أو المعارضة.
وفى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة فاز مرشحو الإخوان والسلفيون فى بعض الدوائر بجهود نواب لهم سوابق برلمانية جيدة، لكنهم فازوا فى دوائر كثيرة بالقصور الذاتى، والدليل أن مرشح الجماعة فى انتخابات الرئاسة حصل على 5 ملايين صوت فى المرحلة الأولى، وفى الإعادة، رجحته أصوات التيارات التى يتهمها الآن بعدم القدرة على التصويت، حصل على نفس الأصوات الانتقامية التى رفضت أن يفوز أحمد شفيق واعتبروا فوزه عودة لنظام مبارك، وفاز الدكتور مرسى فى الحقيقة بأصوات «عاصرى الليمون»، وبعضهم كانوا حسنى النية تجاه الجماعة ومرشحها، قبل أن يكتشفوا تراجعه عن عهوده معهم ومع غيرهم.
قراءة نتائج التصويت فى انتخابات الرئاسة تكشف عن انخفاض الإقبال على الجماعة ومرشحها، وبالطبع بدرجة تختلف فى انتخابات الرئاسة عن انتخابات مجلس الشعب، حيث القدرة على الحشد والمناورة ممكنة أكثر فى الدوائر الضيقة.
كل هذه العناصر تغيب عن الجماعة وأنصارها، ممن يعايرون المعارضة بقلة القدرة على الحشد، بالرغم من أنهم طلبوا دعم نفس التيارات فى انتخابات الرئاسة، واستغلوا رفضها لإعادة نظام مبارك، ضمن حالة من الانتهازية السياسية يتجاوز أى درجة من المناورة، ويعاير الحلفاء على دعمهم وحسن نيتهم.
كل مع الاعتراف بأن بعض اتهامات الجماعة لخصومها صحيح، هذه التيارات المعارضة غير قادرة على بناء تحالفات قوية، وأنها ارتكبت أخطاء فى الحسابات والتحالفات، وبعضها لا يخلو من انتهازية وحسابات ضيقة، وهى أخطاء يفترض أن تشكل درسا يفيد فى المستقبل، لكنها تضاف لأسباب كثيرة، تثبت مقولة أن الفوز فى الانتخابات، لم يكن فى كل الأحيان لقوة الفائز، بل لضعف الخاسر، وأن فكرة التصويت الانتقامى تتراجع، أو تنعكس، ضد من يسيئون استخدام السلطة، ويفترض ألا تستند المعارضة إلى فرضيات خاطئة، أو تتهم الناخبين بقلة الوعى، لأنهم دعموا مرشحين ظنوا أنهم ينتمون للثورة، ويمكنهم تحقيق أهدافها لكنهم صدموا فيهم.
وبناء عليه، لا يفترض أن يراهن السياسيون على نتائج سابقة، وأن يبدءوا فى العمل للصندوق، لأنه الطريق الأقصر لتسجيل أهداف فى الاستفتاء أو الانتخابات القادمة.