كل هذا العنف والدماء والنار والخراب وحروب الشوارع وفتنة المساجد وحصارها وانقسام المصريين، والرئيس وجماعته وأهله وعشيرته لديهم إصرار وتصميم على الاستفتاء على دستور مشبوه سيئ السمعة، أوراقه ملوثة بدماء من سقطوا على أسوار قصر الرئاسة، وسطوره ممهورة بشرور فتنة تقسيم أبناء الوطن الواحد إلى شيع وطوائف وتيارات متناحرة تلقى فيها اتهامات بالتخوين والعمالة والتآمر والكفر للمعارضين ويستخدم فيها كل أنواع التهديد والتخويف والترهيب.
ما حدث ويحدث الآن هو مقدمة لنهاية سوداء لمن يقود البلاد بأقصى سرعة إلى أتون الحرب الأهلية بين أبنائه وسيتحملون وحدهم عاقبة هذا العار ولن يغفر لهم التاريخ ولن يفلتوا من عقاب الشعب الذى أسقط مبارك ونظامه
الاستفتاء الذى يجرى يشبه ما جرى فى انتخابات 2010 المشئومة التى كانت الورقة الأخيرة فى كتاب النهاية للنظام السابق الذى تجاهل كل أصوات الغضب والرفض للمصريين للظلم والفساد واحتكار السلطة، وتعالى باستخفاف على مطالبهم المشروعة فى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فكان العقاب السريع بالثورة الشعبية العظيمة التى استيقظ فيها مارد الغضب الشعبى من غفوته وغفلته ولم يعد فى مقدور فرد أو جماعة أو ميلشيا أن يعيده الى سابق عهده، فقد أصبح كالطوفان الذى يجرف فى طريقه كل ظالم ومستبد.
حالة العصبية والارتباك والعناد التى يتعامل بها الرئيس وجماعته مع المعارضة من أجل تمرير الدستور تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك «جريمة» يجب الانتهاء منها سريعا قبل أن تفوح رائحة مرتكبيها، والتاريخ يعيد نفسه لكن فاقدى الذاكرة يتجاهلون ويتناسون، فالديكتاتور الذى فرض على الشعب الوصاية بدستور مشبوه ومستبد آخر فى عام 1930 إرضاء لمليكه وتنكيلا بالحركة الوطنية المصرية أسقطه الشعب وأسقط دستوره بعدها بأربع سنوات وأعاد دستور 23 المقبول شعبيا رغما عن الديكتاتور اسماعيل صدقى رئيس الوزراء الذى ذهب بعدها إلى مزبلة التاريخ.
نعيش الحالة ذاتها، فهذا الدستور المشئوم هو على مقاس الجماعة وحلفائها وسوف يسقطه الشعب أيضاً لو تم تمريره وفى وقت قريب جداً، والسقوط لن يكون للدستور فقط ولكنه سوف يكون سقوطا كبيرا للذين يحاولون سرقة الثورة، واجهاض آمال وأحلام الشعب فى العدل والحرية والكرامة الانسانية. فلن ترهب تهديدات الإخوان، وحلفائهم الشعب المصرى، وسيواصل كفاحه السلمى حتى يسترد ثورته ويستعيد حقوقه، وإن غدا لناظره قريب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة