لا يحرمنا الدكتور مرسى من متعة الفكاهة التى وإن كانت قاتمة كاتمة كجماعته.. فإنها على أية حال فكاهة، نداوى بها جراحنا ونلخص بها مآسينا، وآخر حلقات برنامج الدكتور مرسى الفكاهى، هى ما شاهدناها أمس، حيث أجرى سيادته الاستفتاء الموعود على دستوره المنشود، ولم يجد حرجا فى أن يستعين بمدرسين ومحامين تابعين لجماعته للقيام بدور القضاة المشرفين على الانتخابات، ولسان حالهم يقول: أنا ألبس بدلة، وأروح لمرسى، وأقوله أنا قاضى، وهو هيقبلنى على طول، ويقولى روح راقب الاستفتاء.
المثير فى الأمر أنه تردد أن ما حدث أمس فى الاستفتاء من إشراف الموظفين التابعين للإخوان المسلمين على عملية الاقتراع مجرد تجربة، وأنه من المنتظر حال نجاحها أن تعمم فى المرحلة الثانية من الاستفتاء المقرر إجراؤها يوم السبت المقبل، فمع مرسى الفاضى عمل قاضى «فعلا»، وكأن القضاء بالنيات أو بالبدل، وكأن كل مؤهلات القاضى أن يفخم صوته، وأن يتجهم فى وجه الناخبين ليقنعهم أنه قاض، لذا أنصح السيد الرئيس وجماعته فى حال عقدهم العزم على تكرار تجربة انتحال شخصية القضاة، أن يحصلوا على دورات تدريبية فى معهد الفنون المسرحية لكى «يسبكو العملية»، وتكون النتيجة مستوفية.
اختصارا للقول يمكننا مطمئنين أن نقول: إن التجاوزات فى عملية الاقتراع شهدت بعض الاستفتاءات، لكن فى ظل تحصين العملية الانتخابية بقرار غريانى إخوانى وسطانى مشترك، يصبح الأمر برمته مجرد عبث فى عبث، ولا يقلقنى من هذه العملية الاستفتائية غير أن تأخذ أحد السادة القضاة «العيرة» الجلالة، ويظن أنه قاض فعلا، ثم نفاجأ به فيما بعد يضع بادج نادى القضاة على «موتوسيكله»، ويذهب إلى المحكمة كل يوم ليفصل فى قضايا المواطنين، لتتراوح أحكامه بين نعم ونعمين، ثم يقوم بعمل علامة (صح) على المجرم، وبدلا من أن يأمره بعمل فيش وتشبيه يأمره بغرس إصبعه فى الحبر الفسفورى.
ما يعتبر حقيقة «فاصلا» فى برنامج مرسى الفكاهى، ما حدث فى مدينة نصر أثناء إدلاء المهندس خيرت الشاطر بصوته، حيث ظهرت الأصوات الحقيقية والقضاة الحقيقيون وهم الجماهير التى استقبلت الشاطر بالهتاف الشهير: يسقط يسقط حكم المرشد، إذ لم ينتظر الناخبون عملية الاقتراع، ولا الفرز، وأصدروا حكمهم علانية وبلا مواربة، معلنين إسقاط شرعية المرشد فى حكم مصر، مستقبلين نائب المرشد بما يستحقه من هتاف، فترى هل يصبح هذا الاستفتاء هو ما ينقص لإسقاط الشرعية عن حكم الإخوان، كما كانت انتخابات 2010 ورقة التوت الأخيرة التى سقطت عن نظام مبارك؟
ثم ماذا بعد، نجرى الاستفتاء بعد الاستفتاء، ونجرى الانتخابات بعد الانتخابات، وتحدث التجاوزات بعد التجاوزات، ولا شىء يحدث، و«إن كنت ناسى أفكرك» بما حدث فى انتخابات الرئاسة من تجاوزات، ظلت حتى الآن حبيسة أدراج المحققين، فلا أحد نال عقوبته، ولا أحد أشير إليه بأصابع الاتهام، لكن ما لا ينتبه إليه السادة الراسخون فى أبراج السلطة، أن الشرعية التى صدعونا بها تتآكل يوما بعد يوم، فى ظل انتهاك دولة القانون، وتسييد دولة الميليشيات، وإن غداً لناظره لقريب جدا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة