كل واحد يجرب صلاحياته شغالة ولا لأ.. لأننا انتقلنا فجأة من ثورة الشهداء إلى ثورة الصلاحيات.. وكل سلطة بتجرب فينا صلاحيتها.. أشعر أحيانا أنى فأر تجارب يعبث بمصيره بعض العيال فى المعمل والمدرس مش موجود.. فهذا يفقع عين وهذا يخلع رجل وهذا يجرب تأثير الصوت والآخر تأثير الضوء والثالث يحملق لى فى تعجب وهو يسأل هو احنا لو موتناك بتصحى تانى.. على أى حال الأحداث تثبت أننا بنصحى تانى.. ومشكلة الديمقراطية أنها لم تحدد سنا رغم أن السياسة للكبار فقط.. فتجد شعوبا عظيمة تعبث بها عقول صغيرة.. مجرد أطفال سياسيين أو هواة يجربون فى عبيد الله وعلينا أن نتحمل.. ليه.. ديمقراطية.. وفى عالم الأطفال ينتخبون زعيمهم لقوته وسمنة بدنه لا لحكمته ورجاحة عقله وعلى أمثالنا من فئران التجارب أن يتحملوا قدرهم حتى لو كان «شلوت».. لذلك سنظل ننام على قرار ونصحى على قرار إلى أن يكبر الصغار وتنضج عقولهم بالخبرة.. المصيبة أن الخبرة لا تأتى إلا بالتجارب وبالمزيد من الكوارث والشهداء.. ففى لعبة الصراع على الصلاحيات تنافست كل السلطات والتيارات فى إثبات قوتها وقدرتها على الحشد والتصعيد والعناد. لم نسمع منهم صوت عقل ورحمة بأبناء هذا الشعب بل تبارى الجميع فى الدعوة للانقسام والعنف بل والقتل.. وكأنهم يلعبون حرب العيد ونحن بلا فخر مجرد بمب أو شماريخ يشعلونها لإضفاء الإثارة على حماقاتهم السخيفة.. لذلك لا تتعجب من «الحرقة اللى فى قلبك» ولا تندهش حينما تتسلل الدمعة من عينك.. فكل ما نراه على الشاشات أو نسمعه من السياسيين سلطة أو معارضين يؤكد أن حياتنا ومستقبل أبنائنا فى خطر إلى أن تعثر الديمقراطية على بعض العقول الحكيمة.. إلى أن نجد العقلاء الذين يوحدون هذا الشعب بالعمل والكفاح وليس بالأحضان والقبل.. إلى أن نختار قيادة ناضجة تفهم أن امتلاك الكرة ولو بالانتخاب لا يعنى أن تلعب بها وحدك خاصة وأنت تحرز الأهداف فى نفسك.. إلى أن يوفقنا الله فى معارضة حقيقية تخرج من هذا الشعب وليس من أجندات أجنبية أو دينية أو فاشية.. إلى أن نمتلك أحزابا قوية وسلمية وليس ميليشيات تكفيرية وعسكرية.. إلى أن يظهر بيننا زعماء أصليون مش قص ولزق وتركيب وأن تكون أهدافهم المصلحة العامة وليس مصلحة شخصية أو مصالح جماعة أو فصيل.. وأن نتحاور جميعا بالمنطق واللسان وليس بالغلبة أو العصيان.. نحتاج الكثير وننتظر رحمة السماء حتى نرتاح من العبث فى مصائرنا بحماقة العيال.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة