أكتب هذه الكلمات قبل أن يتم الحصر النهائى لمن قالوا «لا»، ومن قالوا «نعم» فى استفتاء المرحلة الأولى على الدستور أول أمس، غير أن هناك إشارات مهمة تبين أن الفارق سيكون طفيفا لصالح «نعم»، ومخطئ من يقرأ هذه النتيجة بوصفها انتصارا مدويا لقوى الإسلام السياسى التى اصطفت بكل قوتها، وكانت تبشر بأن نسبة الموافقة ستكون %75، وهناك من بالغ ورفع النسبة إلى %90.
من قالوا «لا» فى وجه من قالوا «نعم»، وضعوا أصواتهم فى مناخ غير مؤهل لممارسة ديمقراطية صحيحة، فعجلة التصويت دارت وسط غياب الإشراف القضائى فى نحو 27 لجنة، بالإضافة إلى التفنن فى التزوير الناعم والذى تمثل فى تعمد قضاة لتعطيل التصويت إما بوقف اللجان دون سبب مقنع أو بالبطء المبالغ فيه رغبة فى تطفيش الناخبين، وبالرغم من ذلك كان هناك إصرار على الوقوف فى الطوابير لساعات طويلة.
نسبة من قال «لا» ترتفع كثيرا عن تلك التى كانت فى استفتاء مارس 2011 على التعديلات الدستورية التى أعدتها لجنة المستشار طارق البشرى، مما يعطى دلالة على أن استخدام الدين فى معركة الاستفتاء الحالية يقل تأثيره تدريجيا، صحيح أنه مازال موجودا، لكن قوته تضعف من انتخابات إلى أخرى، وهذا يدل على أن قطاعا واسعا من الناخبين تسلحوا بوعى يصب فى السياق المعاكس لمن يكفرون غيرهم، ومن يشهرون سلاح الدين فى غير موضعه، فاليقظة الآن تتوجه إلى محاسبة أهل الحكم على مجمل السياسات التى ينتهجونها، وأظن أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون دليلا آخر على إضعاف هذا السلاح.
لغة الاستعلاء التى تحدثت بها قوى الإسلام السياسى التقطها الشارع المصرى بذكاء لافت فرفع نسبة الرفض لهم، كما أن قولهم بأنهم أصحاب الأغلبية الكاسحة استنادا على الانتخابات البرلمانية الماضية يجب إبطاله، والنظر بعمق فى التحولات التى حدثت منذ فوزهم بهذه الانتخابات، ثم فوزهم فيما بعد بالرئاسة بفارق طفيف جدا، وهى التحولات التى تؤكد أن الشعب المصرى يعطى دروسا مؤلمة لمن يمارس الاستعلاء عليه، ويعطى ثقته الكبيرة لمن يصدق معه، ويسحبها ممن يضحكون عليه بالإلحاح على الكذب فى الوعود.
على قوى «الإسلام السياسى» وفى القلب منهم جماعة الإخوان، قراءة كل المشهد الحالى للتأكد أن شيئا ما يحدث فى مصر ليس فى صالحهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة