بعد ثلاثة أيام من إجراء المرحلة الأولى من الاستفتاء، توالت عورات حكم المرشد فى الظهور، فديوهات فضائح التزوير تتوالى، فإذا بما كان توقعا يصبح حقيقة وواقعا، والبطولة الأولى فى هذا الكشف لنساء مصر بلا منازع، فما من فيديو تظهر به عمليات التزوير أو التعطيل أو تقفيل اللجان وتسويد البطاقات إلا وتحتل فيه نساء مصر مشهد الصدارة أو على الأقل المشاركة بإيجابية، انظر إلى فيديو تجاوز نائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر الذى قبضت النيابة على حارسه الخاص واتهمته بحمل سلاح بدون رخصة والخروج من مصر والدخول إليها بشكل غير شرعى، لتكتشف إنه لولا «الزفة» التى أقامتها نساء مصر هاتفات «يسقط يسقط حكم المرشد» تنديدا بتجاوزه وعدم احترامه لمئات المنتظرين فى طابور الاستفتاء ما كان للنيابة أن تثبت أن هذا الحارس المتهم تابع لخيرت الشاطر، وانظر إلى الفيديو الذى تداوله النشطاء عن اكتشاف سيدة منقبة لبطاقات الاقتراع غير موافقة على الدستور ملقاة بجانب الصندوق وليس داخله، وانظر إلى مظاهرة نساء إسكندرية ضد القاضى الذى عطلهن لساعات طويلة كى لا يتمكن من الإدلاء بأصواتهن لتعرف أنهن حاميات هذا الوطن وضميره الحى وبوصلة وجدانه بامتياز، فقد هتفت النساء لهذا القاضى «مش هتدخلنا ليه.. خايف ولا إيه» ومش هنمشى مش هنمشى، معلنات التحدى إلى آخر مدى، صابرات قانتات حافظات لأصواتهن، عشرات الفيديوهات، ومئات الصور، تخبرنا بما لا يترك للشك ثغرة أن المرأة المصرية هى الملاك الحارس للديمقراطية، والحاضنة الأولى لنهضة المجتمع وتطوره، وحائط الصد الأول ضد التزييف والترهيب والتخوين والخيانة.
لم أندهش من هذا الدور العظيم الذى قامت به نساء مصر، فهن حفيدات الملكة الأم «إيزيس» وأخوات أم المؤمنين «مارية» تلك عادتهن، ينتفضن فى أوقات الشدة، يقاومن الفيضان بقلوب مؤمنة بحب مصر، عازمات على التفانى فى حب الوطن، صابرات على «جار السو» رافضات للوصاية الاستبدادية، صادقات طاهرات مطهرات، يعرفن أن هذا الوطن وطننا جميعا، ينظرن إلى المجتمع بعين الأم التى لا تبخل بالمحبة على جميع أبنائها، لكنهن أيضا لا يتورعن عن « تربية العيال» بالنصح مرة وبالضرب مرة، يتابعن كل ما يجرى فى الساحة السياسية المصرية لكن لا يفوتهن أبدا إحساسهن بأنهن «أمهات» تنفطر قلوبهن على شهدائنا، تنزف عيونهن دمعا ودما على الجنازة تلو الأخرى، يعرفن الحق ولا يحدن عنه، يعرفن الفرق جيدا بين من يضحى بروحه أو نور عينه من أجل هذا الوطن، ومن يتلاعب بمصيره ويسخره لجماعته ويعبث به كمأفون مخبول.
هن اللاتى يكتوين بحرقة اعتقال أبنائهن دون جريمة، وهن اللاتى يغرقن فى حسبة برمة كل يوم من أجل تدبير احتياجات البيت، وهن اللاتى يدركن بقلوبهن جيدا أن ارتفاع الأسعار بعد الاستفتاء بنعم سيجلدنا ويكوينا جميعا، وهن اللاتى يعرفن أن من ينفرد بكتابة الدستور سينفرد بعد ذلك باتخاذ القرار، وينفرد بعد ذلك بحكم البلاد، ليستبد بالجميع دون تفرقة بين رجل أو أنثى، وإنى من خلال هذه المساحة أدعو جميع المنتمين إلى التيار المدنى إلى الاهتمام بنساء مصر، وأناشدهم ألا يجعلوا أحدا يستغل حاجتهن إلى «ستر» بيوتهن، ففى مصر ما يقرب من ثلاثة ملايين ونص المليون امرأة تعيل أسرتها، وتكفل أبناءها، يستغلهن البعض فى توجيههن سياسيا وإجبارهن على الانتماء إلى تيار بعينه مستغلين حاجتهن إلى ما يلقونه إليهن من تبرعات يحصلون عليها من المجتمع بأسره ويستغلونها لصالحهم فحسب، أناشدكم الاهتمام بالمرأة المعيلة فقد ظهر جليا ما يمكن أن تكون عليه المرأة المصرية إذا ما ملكت زمام أمورها، ومعروف أن من لا يملك خبز يومه لا يملك حريته.