عندما وقعت جريمة قتل 16 جنديا من الجيش المصرى على أيدى الإرهابيين «الجهاديين» سارت شائعة فى كل أنحاء مصر بأن «حماس» تتعاون مع الإخوان المسلمين لاقتطاع جزء من سيناء لتوطين فلسطينى غزة، بعدها زار سمو أمير قطر غزة فى زيارة تحدث عنها سموه بأنها لدعم «شعب غزة» ضد الصهاينة المعتدين، وأغلب الظن أن سمو أمير قطر كان يعتمد فى دعمه الجبار لـ«شعب غزة» على قاعدة «السيلية» العسكرية الأمريكية، وفيما يبدو أن الإسرائيليين لم يأخذوا كلام سمو أمير قطر على محمل الجد، وشنوا هجوما غاشما مجرما على «شعب غزة»، فانبرى السيد رئيس الجمهورية الدكتور «مرسى» للدفاع عن غزة بسحب السفير المصرى من «إسرائيل» متناسيا رسالته الرقيقة لـ«صديقه العظيم شيمون بيريز» التى كان قد أرسلها له قبل عدوان جيش دفاع «الصديق العظيم» بعدة أيام، وتدخل السيد الرئيس «مرسى» لوقف القتال بين «حماس» و«جيش الدفاع الإسرائيلى»، وبالفعل نجحت جهود الوساطة المصرية فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، مما جعل صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية تقول إن نجاح جهود الوساطة المصرية دعمت موقف الرئيس المصرى محمد مرسى والقادة الإسلاميين الجدد بالقاهرة لدى الغرب، وأشاد العلامة الإخوانى المصرى المقيم فى قطر بمواقف «حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثان»، و«الرئيس المصرى»، ورئيس الوزراء التركى لمناصرة لحقوق الأشقاء فى غزة، فى حربهم الأخيرة مع إسرائيل، ووصف فضيلة الشيخ الإخوانى «وقفة» الرئيس محمد مرسى، والرئيس أردوغان و«حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثان»، بأنها «وقفة رجال» ضد الاستكبار الإسرائيلى، وقال فى خطبة الجمعة التى ألقاها بجامع عمر بن الخطاب فى قطر ونقلتها شاشات الفضائيات: «إن الله عز وجل هيأ قادة أمثال سمو الأمير، والرئيس المصرى، ورئيس الوزراء التركى، وإخوة من تونس للوقوف ضد جبروت اليهود الصهاينة، الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد»، وقال الرئيس «مرسى» فى خطابه الحماسى: «إن الحرب لا تؤسس لسلام أبدا ولا تؤسس لاستقرار أبدا، وإن هذه الدماء تكون لعنة عليكم وتكون محركا لكل شعوب المنطقة ضدكم، نقول حكومة وشعبا ووطنا وأمة مؤكدا بتجديد الكلمات الواعية، بإرادة قادرة وإمكانيات بفضل الله ضخمة وعطاء لا ينقطع، أقول لكم، غزة ليست وحدها»، وهكذا أكد السيد الرئيس على أن «غزة ليست وحدها»، وليست فلسطين كلها بالطبع، وكان الاتفاق الذى تم التوصل إليه بين «حماس» و«إسرائيل» برعاية مصرية، والذى وزعته الرئاسة المصرية على الصحفيين يقضى بأن: «تقوم إسرائيل بوقف كل الأعمال العدائية فى قطاع غزة برًا وجوًا، وتقوم الفصائل الفلسطينية بوقف كل الأعمال العدائية من قطاع غزة تجاه إسرائيل، بما فى ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات عبر الحدود، وفتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك بعد 24 ساعة. يتم تناول القضايا الأخرى إذا ما تم طلب ذلك، وحصول مصر على ضمانات من كل طرف بالالتزام»، أى أن الاتفاق تم بين «دولة إسرائيل» و«الحكومة الفلسطينية» فى غزة أى أن إسرائيل قد اعتمدت عمليا، على الأقل، حكومة حماس بصفتها الحكومة الفلسطينية، وإن كانت «حكومة مقالة»، ثم جاءت جهود الرئيس الفلسطينى «أبومازن» فى الأمم المتحدة على قبول «الدولة الفلسطينية» كمراقب، أى أن الأمم المتحدة قد قبلت «الحكومة الفلسطينية» فى الضفة الغربية ممثلة لدولة فلسطين كمراقب، وهنا تم شبه إعلان دولى على وجود دولتين لفلسطين إحداهما فى «غزة» تحت سيطرة «حماس» والأخرى فى «الضفة الغربية» تحت سيطرة «فتح»، فيما بدأت الأصوات الحمساوية فى غزة تحاول الإجابة على سؤال للمواطنين الفلسطينيين فى غزة يسألهم عن موافقتهم على الاتحاد الكونفيدرالى مع مصر من عدمه، أى أن «دولة غزة» تدخل فى اتحاد كونفيدرالى مع «مصر»، فيما تدخل «دولة الضفة الغربية» فى اتحاد كونفيدرالى مع «الأردن»، وبالتالى يفهم من موقف الإخوان المسلمين «حماس» فى «دولة غزة» بأنهم لن يأخذوا جزءا من سيناء، بل إنهم يعرضون على «مصر» أن تأخذ هى «غزة» فى كونفيدرالية، والكونفيدرالية هى اتحاد دائم للدول ذات السيادة «دولة غزة ودولة مصر» للعمل المشترك فيما يتعلق بالدول الأخرى، عادة ما تبدأ بمعاهدة ولكنها غالبا ما تلجأ فى وقت لاحق لاعتماد دستور مشترك، غالبا ما تنشأ الكونفيدراليات للتعامل مع القضايا الحساسة مثل الدفاع والشؤون الخارجية أو العملة المشتركة، حيث يتعين على الحكومة المركزية توفير الدعم لجميع الأعضاء، وقد حدث أنه فى عام 1917، سقطت فلسطين تحت سيطرة بريطانيا، ودخلت فلسطين تحت مظلة الانتداب البريطانى على فلسطين عام 1920 والذى سمح للهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقد قامت مصر بدخول قطاع غزة عام 1948، كما قامت الأردن بدخول الضفة الغربية، وفى فبراير عام 1949 وقعت كل من: «مصر» و«الأردن» من جهة و«إسرائيل» من جهة أخرى هدنة تقضى باحتفاظ مصر بـ«قطاع غزة»، والأردن بـ«الضفة الغربية»، وبقى هذان الجزآن تحت الحكم المصرى والأردنى حتى نكسة 1967، غير أنه فى مايو 1994، انسحبت القوات الإسرائيلية من قطاع غزة والضفة الغربية بشكل جزئى، تاركة عدة مستوطنات لها تحت إمرة جيش الدفاع الإسرائيلى فى عمق القطاع، وأصبحت المنطقة جزئيا تحت حكم السلطة الفلسطينية إلى أن انسحبت إسرائيل بالكامل من أراضى قطاع غزة فى 15 أغسطس 2005 بأوامر من رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها «أريئيل شارون» الذى وافق وشجع على تسليم «غزة» للمجاهدين فى «حماس»، ليعود تقسيم فلسطين مرة أخرى للواجهة بفضل جهود الإخوان المسلمين فى كل من مصر وغزة، ليؤكد أن «دولة حماس الإخوانية» لن تستقطع لنفسها جزءا من سيناء بل تعرض على «دولة مصر الإخوانية» أن تأخذ هى كل غزة، وهم يقولون للرئيس مرسى هذه الأيام: «بلاها سيناء خد غزة يا ريس»، وهل هيأ الله عز وجل قادة أمثال سمو الأمير، والرئيس المصرى، ورئيس الوزراء التركى، وإخوة من تونس لتقسيم فلسطين إلى دولتين تكون إحداهما «دولة غزة الحمساوية الإخوانية» التى سوف تنضم فى كونفيدرالية إلى دولة مصر الإخوانية لتحل نهائيا مشكلة التوطين فى سيناء؟.