هناك نكتة عن بلدة من الحمقى كانت تضع تحذيرات للسائقين بعد كل مطب وتقول «انتبه خلفك مطب»، لكن يبدو أن النكتة تحولت إلى حقيقة مع الرئاسة والجماعة والحزب. فقد تجاهلوا المعارضة طوال شهور، ورفضوا كل المطالب، وبعد كل قرار كارثة يخرجون إلى المعارضة ليدعوها إلى الحوار بعد خراب مالطة، وبعد اتخاذ القرار أو صدور الإعلان يدعون إلى الحوار حيث لا يكون هناك مجال للحوار. هم يطلبون حوارا حول دستور أصروا على طرحه ناقصا، وتجاهلوا المعترضين عليه، ويطلبون حوارا وهم يشجعون أنصارهم على حصار القضاء والإعلام وتهديد المخالفين. يطلبون حوارا وحلفاؤهم الحازمون يعيثون فى الأرض حصارا وهجوما وتهديدا. فهل هو حوار من طرف واحد أم أنه حوار بعد فوات الأوان.
عندما انسحبت القوى المعارضة من تأسيسية الغريانى اعتراضا، تجاهل الرئيس الانسحاب، وانحاز لرأى جماعة الإخوان وبدلا من أن يدعو للحوار مع المعارضة فإذا به يصدر إعلانه الدستورى فى 21 نوفمبر، والذى اتضح بالبينة والأدلة أنه إعلان تسلطى يعتدى على القضاء والقانون والمشروعية.
أصر الرئيس والجماعة على الإعلان وأصروا إلحاحا على أنه دستورى وشرعى، وأنهم لن يتراجعوا عنه، ثم خرج الرئيس ليخاطب أنصاره ويخبرهم أنه اتخذ إعلانه لمواجهة مؤامرة الحارة الضيقة. وتداعت الأمور وخرجت الاعتراضات وحرض المحرضون على معتصمى الاتحادية ووقع الشهداء والجرحى، ثم أعاد الرئيس إعلانه الديكتاتورى بعد مكياج، مصرا على طرح مشروع الغريانى للاستفتاء، فى وقت رفضت فيه أغلبية القضاة الإشراف على الاستفتاء، ورفض كافة المساعى والنصائح حتى من حلفائه لتأجيل الاستفتاء، حتى رأب الصدع السياسى والوطنى. وجاءت المرحلة الأولى من الاستفتاء مليئة بالمخالفات والتدخلات والتلاعب. ثم واصلوا مسيرتهم إلى المرحلة الثانية وسط حالة انشقاق. وبدلا من محاولة لم الشمل، فإذا بهم يواصلون تشتيت الشمل.
ووسط كل هذا التداخل، رأينا دعوات للحوار ممن لا يملكون أى صفة، فالجماعة تدعو المعارضة لحوار مع مرشد الإخوان، وليس حتى مع حزب الحرية والعدالة، بينما الجماعة نفسها بلا صفة قانونية، بل هى جزء من المشكلة، حيث خرج المرشد ونائبه الشاطر ليهاجموا المعارضة ويتهموها بالعمل للخارج والاندساس فى الداخل، واللعب فى «عجلات الديمقراطية». مرددين نفس الكلام عن مؤامرات وهمية وألاعيب تحتية.
ثم تأتى دعوة للحوار من بعض أعضاء التأسيسية التى انتهى عملها قانونا، نحن أمام دعوات للحوار من غير ذى صفة، وحتى الرئاسة اختارت أن تتحاور مع نفسها وحلفائها من الأحزاب الإسلامية والمستشارين الرئاسيين. بما يجعلنا أمام حالة كوميدية لحوار الرئيس مع نفسه والرئاسة مع بعضها، والجماعة مع حلفائها والتأسيسية حول نفسها.
وبعد كل هذا يدعون أن المعارضة وجبهة الإنقاذ يرفضون الحوار.
وبناء عليه فنحن نتفرج على حالة غريبة من حوار ذاتى، يدعون إليه وقد اتخذوا قرارات بالفعل، وبدأوا استفتاء، والهدف غالبا التقاط الصور التذكارية، وليس البحث عن طريق للخروج من أزمة سياسية واقتصادية تهدد البلاد.
يهاجمون المعارضة علنا، ويريدون محاورتها فى حارة ضيقة، على طريقة «حاورينى ياطيطة».