المولى سبحانه وتعالى علّم رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلمنا بأصول الحديث والخطاب والمعاملة مع الناس والدعوة إلى دين الله، فقال جل وعلا مخاطبا الرسول الكريم فى القرآن العظيم «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر»، «ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَـــكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ» ، ثم وصفه الله تعالى مادحا له «وإنك لعلى خلق عظيم»، كان صلى الله عليه وسلم كما قالت عنه السيدة عائشة «خلقه القرآن»، فهو الصادق الأمين الذى لولا صفاته وأخلاقه وحسن معاملته مع الناس وسيرته العطرة، ما انتشرت الدعوة فى الجزيرة العربية، وما دخل الإسلام بلاد الأرض فى مشارقها ومغاربها بأخلاق المسلمين الأوائل، وقلوبهم الرحيمة، وتأسيهم بالرسول أحسن الناس خلقا، وأكرمهم وأتقاهم، لا فظا، ولا غليظا، ولا سبابا، ولا شتاما، ولافاحشاً، ولا متفحشا، ولا صخابا فى الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، يكف الأذى مع الناس ويصبر عليه، بشوش طلق الوجه، لطيفا، رحيماً، لا يتكلم فيما لا يَعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه. فهو القائل «اللهم إنما أنا بشر، فأى المسلمين سببته أو لعنته، فاجعلها له زكاة وأجراً» وهو القائل أيضاً «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»، هذه بعض من صفات وأخلاق الرسول الكريم - الأسوة الحسنة - التى لاتحصى، فما أرسله الله تعالى إلا رحمة للعالمين، وهى الأخلاق والصفات التى لم يتأسى بها غلاظ القلوب الأفظاظ، السبابون والشتامون والمتفحشون والمتنابذون بالألقاب، والخائضون فى أعراض الناس من المنتحلين صفات الدعاة، وهم أبعد ما يكونون عنها، لأنهم جهال ومتجهلون ومتنطعون باسم الدين، لا علم ولا أخلاق ولا دين سوى قسوة القلبو وسلاطة اللسانو وجهامة الوجهو عليهم غبرة وغضب من الله، فانفض الناس من حولهم إلا بقايا من الضالين، واتخذوا من فضائيات مزعجة ومنفرة سكنا لهم، ووسيلة مجانية لنشر البغض والكراهية، وإلقاء الشتائم والسباب على الناس، ويدعون للعنف والإرهاب، وترويع الناس، وليس «للحكمة والموعظة الحسنة».
هم حفنة من المدعين السفهاء، لم يعلموا عن أخلاق الإسلام ورسول الإسلام أو يتعلموا منها شيئا، وختم الله على قلوبهم، ولن يبقى من سيرتهم شىء، فقاعات وزبد سيذهب جفاء، وسيبقى ما ينفع الناس فى الأرض، اهتداء بالأخلاق الحميدة للرسول وللدعاة والعلماء الحقيقيين الذين مازالت أفكارهم وآثارهم وكلماتهم تنير الطريق للناس نحو العلم والإيمان والتقدم.