وائل السمرى

لا استقرار مع حاكم بلا قرار

السبت، 22 ديسمبر 2012 01:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كنت تريد أن تشترى شقة أو سيارة فأول خطوة سوف تخطوها هو أن تذهب إلى سمسار أو وسيط لتخبره برغبتك وإمكانيتك وطلباتك، ليبدأ السمسار فى توفيق طلباتك مع إمكانياتك ثم يعرض عليك ما لديه من عروض لتبدأ مرحلة الاختيار ثم مرحلة المعاينة ثم مرحلة الاتفاق ثم مرحلة الشراء وتوثيق العقد ليفوز المشترى بطلبه، ويفوز البائع بالأموال، وتلك هى الخطوات العادية المتبعة التى تجعل عملية البيع والشراء «مستقرة» ومأمونة، لكن تخيل معى ماذا سيكون عليه الأمر إذا ما قررت أن تذهب إلى سمسار ما، ثم فوجئت به يخبرك بمعلومات غير صحيحة، ويدلك على اختيارات غير مناسبة، فهل ستثق فى هذا السمسار؟ أم ستغيره لتذهب إلى غيره؟ ثم تخيل معى ماذا سيكون رد فعلك إذا ما وصلت إلى شقة أو سيارة تريدها واتفقت على سعرها مع صاحبها، ثم فوجئت بصاحبها يزيد من هذا السعر بعد اتفاقك معه، أو يغير من مواصفات الشقة أو السيارة، أو يؤجل ميعاد تسليمها إليك مرة بعد مرة، ثم يلغى الاتفاق بالمرة، فهل ستذهب إلى ذات السمسار أو إلى ذات الشخص صاحب السيارة أو الشقة مرة أخرى لتشترى منه ما تريد؟

المثال السابق ليس أكثر من «مثال» لما يحدث فى مصر الآن، فالمستثمر هو ذلك الشخص الذى يريد أن يشترى شيئا أو يؤسس مشروعا، والدولة هى التى تبيع أو تمنح التصريح لعملية الاستثمار، ومن العبث أن يفكر مستثمر ما فى يوم ما أن يأتى إلى مصر لتأسيس مشاريع اقتصادية تنموية فى بلد كل ساعة بقرار، وكل ساعة أخرى تغير القرار الذى اتخذته فى الساعة الماضية، وهو الأمر الذى يجعل أى مستثمر يفكر ألف مرة قبل أن يأتى إلى مصر لاستثمار أمواله أو يوسع شركاته، فمادامت يد صانع القرار مرتعشة، ومادامت قراراته متناقضة متعارضة، فلا أمل ولا رجاء فى أن ينصلح حال البلاد أو ينتعش حال العباد.

أقول لك هذا الآن وأنت على أعتاب صندوق الانتخابات لتدلى برأيك فى المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور، لأن معظم أبناء التيار الإسلامى ركزوا دعايتهم خلال الأيام الماضية على فكرة أن الدستور سيمنح مصر الاستقرار المناسب لبداية عهد جذب المستثمرين، وهو قول باطل يراد به باطل، فالإخوان على مدار العام الذى حكمونا فيه، بداية من توليهم لمجلس الشعب وحتى وصول أحدهم إلى منصب الرئاسة، لم يفكروا يوما فى الاستقرار الحقيقى المبنى على أسس سليمة، وما تكرارهم لكلمة «الاستقرار» إلا للعب على مشاعر الناس المتعطشة للهدوء والأمن والرخاء، لكنهم «مع الأسف» لا يريدون استقرارا حقيقيا، وإنما يريدون ركودا سياسيا ليتمكنوا من احتلال مؤسسات الدولة، لتنمو استثمارات رجال أعمالهم، وليتمكنوا من مفاصل الدولة ليزاوجوا بين رأس مالهم ورأس مالنا، مع احتفاظهم بمقاليد الحكم التى تمكنهم من حلب خيرات مصر فى أفواههم.

العديد من الأسباب الواقعية تجعل الاستقرار الاقتصادى الذى يروج به الإخوان دستورهم وهما كبيرا، فكيف يطمئن مستثمر لبلد ينتهك فيه القضاء ليل نهار، وكيف يلقى أحد بأمواله وهو يعرف أن القدرة الشرائية لدى معظم أبناء الشعب متدنية، خاصة فى ظل الضرائب الجديدة التى ينوى مرسى ورجاله تفعيلها بعد الموافقة على الدستور، والتى ستجعل أبسط متطلبات الحياة من أغلى الأمانى، وكيف يطمئن مستثمر لبلد تهيمن عليه جماعة واحدة على قلب ظالم واحد، تتحكم فى كل مصالح الدولة، وتخترق مؤسساتها، وأين يذهب المستثمر إذا كان المحافظ إخوانيا والوزير إخوانيا والرئيس إخوانيا المجلس التشريعى إخوانيا، الخلاصة، قل «لا» للدستور، فلا يلدغ مصرى من استقرار مرتين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة