تقريبا.. يمكننى القول بمعرفة قطاع كبير وعريض من شيوخ التيار السفلى فى مصر، بعضهم بشكل شخصى، وبعضهم عن طريق دروسهم فى المساجد، وبعضهم من خلال المتابعات التليفزيونية أو دراسة ما صدر عنهم من خطب مصورة أو كلمات مكتوبة.
بحكم المعرفة السابقة وبرغم كل التهديدات المتهورة من بعض قيادات تيار الإسلام السياسى الموجودة على الهامش وتسعى لاحتجاز مكان أو منصب لها حتى ولو بالصراخ وأداء دور الأراجوز المهدد أستطيع أن أخبرك أن استخدام العنف فى التعامل مع المجتمع أمر ليس واردا على لائحة هؤلاء الشيوخ أو الجماعات التى تعبر عنهم – فى هذه المرحلة على الأقل – ربما لأن تجارب الثمانينيات والتسعينيات العنيفة فشلت ولم تجلب للتيار الإسلامى سوى السجون والمعتقلات، وعطلت تطور تلك الحركات الدينية على المستوى الدعوى والسياسى، وربما لأن انتفاء فكرة العمل فى الظلام التى أثبت التاريخ أنها الرحم الكبرى لتوليد العنف، وربما لأن تجارب استخدام العنف أمام الاتحادية وفى الإسكندرية أثبتت للإخوان والسلفيين أنهم لا يمتلكون القوة الكافية، وأن المواطن المصرى أصبح قادرا على الرد، سواء كان بشكل منظم أو لا، وربما لأن ظهور التيارات السلفية أو الإسلامية عموما إلى النور والساحة السياسية المفتوحة ساهم فى تطوير بعض الأفكار خاصة مع تسرب شعور بإمكانية حصول هذه التيارات على كل المكاسب عن طريق السياسة الذى بدا أسهل وأقل تعقيدا من طرق سنوات العنف.
ولكن هل يعنى ذلك أن أستسلم لادعاءات قيادات الإخوان من أمثال العريان والبلتاجى والقيادات السلفية من أمثال عبدالله بدر ووجدى غنيم وعاصم عبدالماجد وأقوم بتعليق حوادث العنف سواء فى صورتها الدموية كما ظهرت أمام الاتحادية والإسكندرية والمحلة، أو صورتها اللفظية كما تظهر فى الشوارع وفى الفضائيات على شماعة الدولة العميقة؟
إن كنت مضطرا إلى السير فى ركاب تصريحات وتأكيدات قيادات الإخوان عن وجود مؤامرة من الداخلية وأجهزة الدولة ضد الرئيس، حتى لا أصبح متهما بأنى إعلامى فاسد أو فلول أو أحد أدوات الدولة العميقة لتعجيز الرئيس مرسى.. إن كنت مضطرا لذلك، فأنا أدعو قيادات الإخوان وتيار الإسلام السياسى أن يقدموا إجابات واضحة لهذه الأسئلة، قبل أن يستخدم أسلوب رجال مبارك القديم، حينما كانوا يستسهلون اللجوء إلى نظرية المؤامرة، وتعليق أخطائهم وعجزهم على شماعة الحفاظ على الأمن القومى للبلاد.
- هل يعنى ضرورة الإيمان بوجود الدولة العميقة التى تحارب الدكتور مرسى أنه لابد أن أؤمن بوجود أفكار عميقة داخل جماعة الإخوان، وداخل التيارات السلفية تسعى لإقامة دولة الخلافة وتغيير هوية مصر بالعنف؟
- ما الذى يجعلنى أصدق بوجود تنظيمات سرية من بقايا أمن الدولة والمخابرات تعمل فى الخفاء لتعجيز الدكتور مرسى، ولا أصدق فكرة وجود تنظيمات دينية سرية تسعى للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باستخدام السلاح؟
- أليس الكلام عن تخطيط الدولة العميقة لتعجيز الدكتور مرسى بالاعتصامات والمظاهرات يتضمن اتهاما مهينا لكل هؤلاء الغلابة الذين خرجوا للهتاف والتظاهر من أجل لقمة العيش، وهى إهانة تتشابه كثيرا مع الإهانات التى كان يفعلها نظام مبارك حينما يتهم العمال المعتصمين بأنهم يخدمون أجندات خارجية؟
- أليس الكلام عن الدولة العميقة التى تخطط لتعجيز مرسى وتشويه الصورة الإسلامية فيه إهانة بالغة للرئيس مرسى الذى أصبح الآن على رأس الجهاز التنفيذى للدولة، ويستطيع بجرة قلم أن يغير قيادات، ويشطب أعمال أجهزة بأكملها؟ وألا يعنى عجزه عن مواجهة هذه المؤامرات وعجزه عن إظهار دلائل قوية أو حتى ضعيفة عليها أنه رئيس مرتبك وقليل الحيلة وكأنه ضمن خيالات الظل الذى تدور فى قصر الرئاسة؟
- إذا كانت الدولة العميقة تتشكل من الضباط المجروحين والمهزومين وأصحاب المصالح كما يقول البلتاجى دوما، ألا يعنى ذلك أن داخل التيار الإسلامى، ربما يكون هناك دولة عميقة تتشكل من الفئات الأقل تعليما أو وعيا أو المتدينين الذين صدمهم تراجع كثير من شيوخهم عن الكثير من التعاليم التى علموهم إياها تحت وطأة العمل السياسى؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة