ترتبط مشكلة الكذب اتصالا وثيقا بمشكلات الخوف والسرقة والغش فالكذب يستغل فى العادة لتغطية الذنوب والأخطاء وعدم الأمانة ولذلك يمكن النظر إلى الكذب باعتباره وعدم الأمانة فى وصف الحقائق ففى الكذب لا يكون القول مطابقا للواقع ويلاحظ فى الكذب توفر النية لعدم المطابقة والتضليل.
وتقول أميرة عبد السميع استشارى برامج التربية ومحاضر بجامعة المنصورة، إنه من المألوف أن ينكر الطفل أمام والديه أفعال خاطئة قام بها أو إذا كسر أنية وخرب شيئا ثمينا مثلا وكثيرا ما يقلق الآباء لذلك وينزعجون معتبرين أن الكذب بداية لتشرد وإجرام فى تاريخ حياة أطفالهم.
وتشير أميرة أسباب كذب الأطفال عديدة منها
1-يحدث كذب الطفل الصغير نتيجة خياله الخصب (الكذب الخيالى) وذلك لأنه يستطيع بعد أن يميز بين الحقيقة والخيال ومما يريح نفوس الآباء والمعلمين أن يعلموا أن هذا ليس إلا نوعا من أنواع اللعب يتسلى به الأطفال وعند اكتشاف هذه القوة الخيالية الرائعة يحسن توجيهها والاستفادة منها ولم تتح الفرصة لذلك فلا داعى للقلق والاهتمام بعلاج هذا النوع من الكذب فالزمان وحده كفيل بذلك.
2-يحدث كذب الطفل لأنه لا يمكنه التمييز عادة بين ما يراه حقيقة وما يدركه واضحا فى مخيلته (الكذب الالتباسي)فكثيرا ما يسمع الطفل حكاية خرافية ثم نجده فى اليوم التالى يتحدث عنها وكانها وقعت بالفعل وهذا النوع من الكذب يزول عادة من تلقاء نفسه عندما يصل النمو العقلى للطفل إلى مستوى يمكنه من إدراك الفرق بين الحقيقة والخيال ولا يعنى ذلك أن تتركه دون توجيه.
3-يكذب الطفل بهدف المباهاة والمفاخرة ليجعل نفسه مركز إعجاب وتعظيم ومن أمثلة ذلك أن يتحدث الطفل عما عنده فى المنزل من لعب عديدة أو ملابس جميلة والواقع أنه لا يوجد عنده منها شىء أو يفاخر بمقدرته فى الألعاب فى القوة الجسمية دون أن يكون له أية مهارة وينتج هذا النوع من الكذب لتعويض الشعور بالنقص الذى ينشأ فى بعض الحالات عن وجود الطفل فى بيئة أعلى من مستواه فى ناحية ما ويود أن يصل إليه ولكنه لا يستطيع ذلك بالطرق الواقعية الحقيقية، فيحاول ذلك وبطرق بعيدة عن الحقيقة والواقع يخترعها من مخيلته وأحيانا يصل هذا النوع من الكذب لدى الطفل إلى درجة كبيرة يكثر فيه ويصدر عنه لا إراديا ويسمى ذلك بالكذب المرضى لأن الشعور بالنقص يكون مكبوتا ويصبح الدافع للكذب دافعا لا شعوريا خارجا عن إرادة الطفل.
4-قد يكذب الطفل ويدعى أنه مريض أو مضطهد مظلوم أو سىء الحظ وذلك ليحصل على أكبر قسط ممكن من العطف والرعاية ويحدث ذلك من الطفل الذى لم يحصل من والديه على العطف الكافى.
5-يكذب الطفل لرغبته فى تحقيق غرض شخصى (الكذب الغرضي) بأقصر الطرق وأيسرها ومن أمثلة ذلك أن يذكر الطفل لوالده كذبا أن المعلمة طلبت منه مبلغا من المال للاشتراك فى نشاط معين والواقع أن الطفل يريدها لشراء أشياء يرغب فيها.
6-يكذب الطفل بدافع الانتقام من الغير حيث يتهم غيره باتهامات يترتب عليها عقابه أو سوء سمعته مثال ذلك أن يقص الطفل على والديه قصة مليئة بالأكاذيب عن أخيه الذى لا يحبه ويحدث ذلك كثيرا عند الطفل الذى يشعر بالغيرة من طفل آخر عندما يعيش فى جو لا يشعر فيه بالمساواة فى المعاملة بينه وبين غيره.
7-يكذب الطفل نتيجة خوفه من صرامة الوالدين وعقابهم الشديد إذا قام بفعل خاطىء وذلك دفاعا عن نفسه (الكذب الدفاعى أو الوقائى)وقد يكذب الطفل ليحتفظ لنفسه بامتياز خاص لأنه إذا قال الصدق ضاع منه هذا الامتياز.
8-يكذب الطفل تقليدا لوالديه أو لمن حوله فقد تقول الأم لطفلها بأنها تريد أن يصحبها للنزهة ثم يكتشف أنها أخذته للطبيب أو أن يقول أحد أخوته فى التليفون أن والده غير موجود بالمنزل رغم وجوده أو يقول له الأب قل إنى غير موجود.
9-يكذب الطفل بدافع العناد وفى ذلك يكذب لمجرد سرور ناشىء من تحدى السلطة خصوصا إذا كانت شديدة الرقابة والضغط وقليلة العطف فقد يفرض الوالدان على الطفل القيام بعمل معين ويكون الطفل غير راغب فيه فقد تقول الأم القاسية لطفلها أنه لا يجوز له أن يشرب قبل النوم ولكن رغبة الطفل فى المعاندة قد تجعله يقول إنه لابد أن يغسل وجهه قبل النوم وعند غسله لوجهه يشرب كميات من الماء وأمه واقفة إلى جانبه دون أن تتمكن من ملاحظة ذلك وبذلك يجد الطفل سرورا وارتياحا كبيرا من استغلاله غفلة أمه على الرغم من تشددها فى الرقابة.
وتضيف أميرة أساليب علاج مشكلة الكذب عديدة وهى
1-أن يراجع الوالدان والمعلمات أساليبهم فى معاملة الطفل وذلك بأن يتجنبوا أساليب القسوة وإثارة الألم النفسى والتفرقة والتسلط.
2-أن يقدم الوالدان والمعلمات المثل والقدوة فى الصدق وعدم الكذب وكثيرا ما تنتقل عدوى الكذب إلى الطفل إذا عاش فى بيئة يلجأ فيها الكبار إلى استخدام الكذب فى تعاملهم اليومى مع بعضهم لبعض.
3-أن نقلل من المخاوف التى قد تدفع الطفل إلى الكذب.
4-أن نقلل من الأساليب العقابية والإرهابية التى تدفع الطفل إلى الكذب دفاعا عن النفس وخاصة الضرب والسخرية والتشهير.
5-على الآباء دائما وإحاطة الطفل بجو يشعر فيه بالطمأنينة والأمن ويمكنه من التعبير عن أرائه وأفكاره.
أميرة عبد السميع استشارى برامج التربية ومحاضر بجامعة المنصورة
كتبت نهى عبد النبى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة