سامح جويدة

أحلامنا وحساء الضفادع

الأحد، 30 ديسمبر 2012 03:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أفضل وسيلة لتحقيق أحلامك هى أن تستيقظ.. نصيحة ملهمة قالها الفيلسوف «بول فاليرى» لفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى، فالاستغراق فى الحلم وهم قاتل، والنوم بجانب الأحلام أشبه بحساء الضفادع عند الفرنسيين، فهى تلقى حية فى وعاء من الماء البارد، ويشعلون تحتها النيران، فتظل الضفادع تلعب فى الماء غافلة مبسوطة حتى تذهب إلى أفواه الفرنسيين، وهذا أعظم عقاب يمكن تصوره للضفدع وللفرنسيين.. ويبقى السؤال: لماذا لم تنط الضفادع وظلت فى الوعاء؟.. ولماذا ننام بجانب أحلامنا حتى الممات «أجيال ورا أجيال» ونظن أن امتلاك الحلم يكفى ولا نستيقظ لتنفيذه؟.. حتى حكامنا الجدد فهموا النهضة غلط، فتحولت إلى «خضة» من جشعهم وافتراسهم للسلطة.. فهل هذا حلم الإخوان واستيقظوا لتنفيذه أم أنه كابوس الليبراليين النائمين من أمثالنا؟.. على أى حال نحن نتصارع حتى فى الأحلام.. وأذكر حينما اختلف المهندس ممدوح حمزة مع الدكتور فاروق الباز حول ممر التنمية، وانقسم الشارع بين مؤيد ومعارض.. فرغم جدية الطرح والخلاف، فإننى من داخلى كنت أضحك، فأمامى حلمان عظيمان يتصارعان فى مخيلة صاحبيهما، رغم أن إمكانية التنفيذ تبدو مستحيلة.. وأذكر أن أحد أصدقائى تشاجر مع خطيبته بسبب الخلاف على لون سيراميك الحمام، وجاء غاضبا حانقا يحكى، فضحكت قائلا «يا عم عادى المهم ألف مبروك على الشقة»، فرد فى تعجب «شقة إيه هو إحنا عارفين نلاقى شقة، إحنا كنا بنحلم».. يومها نصحته بأن يحلم لوحده ويتغطى كويس.. فالكثير من الأحلام تتحول إلى كوابيس، خاصة لو كانت جماعية.. فحلم «الدستور» تحول إلى كابوس وطنى بسبب صراعات رخيصة على المناصب، وعلى النصب على عقول المصريين باسم الدين.. فهل تتصارع أحلامنا مع إيقاف التنفيذ أم أن برجماتية الواقع ومنافعه تفرض علينا هذا الصراع؟.. على أى حال لم نفهم حتى الآن مغزى صراع الديوك، فهى تتعارك وتتقاتل ولا تشاهدها أى دجاجة.. ونحن نفشل دائما فى الوصول إلى حلم مشترك، رغم أنه الطريق الوحيد للخروج من «الهرتلة» الجماعية التى نمارسها كل يوم.. ومن عاش أحلام ثورة 23 يوليو يحكى لك جيدا عن معنى المشروع القومى وفرحته.. فمجانية التعليم، والسد العالى، وتوزيع الأراضى كانت المدخل الرئيسى لتحويل الانقلاب العسكرى إلى ثورة شعبية يحلف الناس بطهارتها.. ورغم أن الأمر لم يخلُ من خدعة، فإنه لم يخلُ من المكاسب أيضا.. ولو حسبنا المكاسب التى جنيناها بعد قرابة عامين من ثورة يناير «الحقيقية» سنكتشف أنها كلها مصروفات، والرصيد قارب على الانتهاء.. ومازلنا نحلم ونتصارع ونحن على وشك الإفلاس.. نحن شعب فى مأزق سخيف مع الذات.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة