إبراهيم داود

آخر يوم فى «النتيجة»

الإثنين، 31 ديسمبر 2012 11:50 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عادة ما يكون الواحد أول كل عام حريصا على «تعليق نتيجة» على الحائط، معتقدا أنه سيستيقظ كل صباح لينزع يوما مضى، ويستقبل آخر ممهورا بحكمة قديمة أو نصيحة أو بيت شعر، وربما يفعل ذلك أسبوعا أو أسبوعين، وبعد ذلك يفقد الحماس، ومع الوقت يكتشف أنه «يكبش» أياما أو شهورا ويلقى بها بعيدا، ويحرم نفسه من الدرر التى كتبت لكل يوم على حدة، الأيام الثقيلة لا تحتاج إلى مراقبة، هى التى تفرض إيقاعها وتجعلك تمشى على أطراف أصابعك، وتشب، على أمل أن ترى أياما أجمل على مرمى البصر، فى الأيام الرحبة أنت لا تحتاج إلى «نتيجة حائط»، لأن ساعتك البيولوجية تعرف مواقيت الصلاة، وخطواتك لن تتعثر من جملة تحذرك من المشى فى طريق آخر، والورق المقوى لم تعد فى حاجة إليه ليمنع البرد، لأن البرد فى الداخل، اليوم «نتائج» قليلة على الحوائط تؤكد أنه الأخير فى عام لفه حزن غزير وتوجس وحيرة، لم ينقذ الواحد فيه غير إيمانه بالله، وقدرة الشعب على الإبداع والارتجال والمباغتة، كان عاما صخابا، أفسد رجال الدين والقانون إيقاعه وطقسه وطقوسه، سرق الإخوان حدائقه وشمسه وظله، وتربص الفلول بثواره، وفرض على الأغلبية فيبه دستور ينتمى إلى القرن الثامن عشر، تم ترويع الأفكار والأحلام والأخلاق والأطفال والعجائز، تحدث الساسة فيه عن عدل غير العدل وعن قانون غير القانون وعن عدو غير العدو، وعن ثورة غير الثورة التى عرفناها وشاهدناها بأعيننا وجلسنا تحت أقدامها وولدنا من جديد فى رحابها، نمشى فى الشوارع التى نعرفها طوال عمرنا غير آمنين، نمشى فى وحدة واسعة، نتأمل الخراب الذى ابتلع الأرصفة، أنت تشفق على أيامك التى تتكسر مثل الزجاج تحت مطارق الفاشية التى تحمى النظام «الجديد»، «نتيجة 2012» لم يجد الواحد منا وقتا لكى يقرأ ما فيها يوما بيوم، لأننا كنا مشغولين بتفادى السهام أو النبال التى لا تعرف من أين تأتى ومن يصوبها، كل الذين يتحدثون باسمك ويعرفون مصلحتك أكثر منك يعتبرونك سببا فى عدم الاستقرار وتعطيل العجلة، لأنك من النوع الذى تجرأ وتبجح وقال: لا، هم لا يريدون أمثالك، هم يريدون قطعانا تسهم فى دفع عجلة الإنتاج بمزيد من الاستهلاك، يريدون أشخاصا إذا احتاجوا أو مرضوا يقفوا طوابير فى انتظار الزكاة، يريدون أشخاصا يؤمنون بأن القبيلة أو الجماعة أهم من الدولة، لا تتحدث عن الكرامة الوطنية ولا الوحدة الوطنية ولا العدالة الاجتماعية، ولا مجانية التعليم ولا الحق فى العلاج، أنت من النوع الذى يعلى من شأن الحرية، ماذا تعرف عن الحرية والمنصة يجلس عليها حازم أبوإسماعيل وياسر برهامى وعصام العريان ومحمد البلتاجى وصفوت حجازى وصبحى صالح؟ ماذا تعرف عن الاقتصاد لكى تتحدث فى وجود خيرت الشاطر وحسن مالك والسويركى ومؤمن؟ ماذا تفهم فى القانون وأمامك ثروت بدوى وأحمد كمال أبوالمجد ومحمد سليم العوا؟ أنت الآن فى «ملقف» البحر والفلول من خلفك، والجحيم والماضى من أمامك، ولكنك قادر على البحث عن مكان آمن تكتشف فيه نفسك من جديد، سيبدأ غدا عام جديد، سيكون أفضل بإذن الله، ولا تصدق الكوابيس التى يروجون لها، ولا أننا فى طريقنا إلى الإفلاس، لأننا مفلسون أبا عن جد، ولكننا أغنياء بكل ما فينا من خير وخضرة ومحبة وتسامح.. وغضب.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة